منتدى محامي سوريا

العودة   منتدى محامي سوريا > منتدى القضاء > تطوير القضاء

تطوير القضاء العدل أساس الملك. والقضاء والمحاماة جناحا العدالة. ولن يحلق طير العدالة عالياً إلا بجناحين متساويين سليمين..

إضافة رد
المشاهدات 6137 التعليقات 4
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-07-2011, 11:08 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المحامي بسام نجيب
إحصائية العضو






آخر مواضيعي



Essay آراء ومقترحات في الإصلاح القضائي

آراء ومقترحات في الإصلاح القضائي

يراهن البعض على عدم إمكانية رفع مستوى الثقافة القانونية في المجتمع السوري على فرضية أن مجتمعنا بالأساس مجتمع يقوم على الفوضى وعدم الانضباط وبالتالي فإن الإصلاح القضائي شُبّه بالمستحيل.
إلا أن رهان هذا البعض خاسر بالمبدأ، لأن تاريخ مجتمعنا يقرؤنا غير ذلك وهذا ما سأبدأ به حديثي، مراهناً على قدرة مجتمعنا لتجاوز كل الصعاب.
لا شك أن المؤسسة القضائية في سورية تعاني من مشكلات كبيرة تحتاج إلى حلول جذرية تعيد إليها ألقها الماضي، والماضي السحيق الممتد عبر التاريخ، لتنسجم مع نفسيتنا كسوريين، التواقة إلى النظام والتنظيم، فالمجتمع السوري ليس فوضوياً بفطرته، بل هو بنفسيته ووجدانه، أول من بادر إلى التنظيم والعمل المنظم، وهذا ما يذكره تاريخنا الفريد وتاريخ ثقافتنا القانونية التي تنم عن قدرة فائقة في التعامل مع القوانين والأنظمة، فثقافتنا القانونية العريقة نصّت أول تشريع وضعي في العالم وضعه السوريون في عهد الملك حمورابي قبل ما يزيد على ثلاثة آلاف عام والتي سميت شريعة حمورابي التي هي أولى الشرائع الوضعية في العالم وأهمها لا بل لم تسبقها شريعة وضعية أخرى، وقد استقت الحضارات الأخرى قوانينها منها، ، مروراً بالفكر الرواقي السوري الذي كان أساساً للقواعد القانونية الرومانية، انتقالاً إلى مدرسة بيروت الحقوقية التي كانت الأولى في زمانها والتي اعتمدت على فقهاء سوريين أطلق عليهم فقهاء الغرب اسم «أساتذة المسكونة» والذين كان لهم الدور الكبير والأساس لا بل هم من وضع مجموعة جوستنيان القانونية، هذه المجموعة التي استقت أوروبا كلها قوانينها منها، والتي تقوم على مبادئ العدالة والمساواة وليس على القسوة والفظاظة والتمييز الطبقي، وهذا ما يمثل ارتقاء الإنسان السوري لبناء المجتمع المنظم ومؤسساته القانونية، وهذا ما نسعى إليه نحن الآن وبكل صدق.
وقد سميت هذه المجموعة -خطأ - الحقوق الرومانية، في حين الصواب، وعلى لسان أحد فقهاء الغرب «الحقوق السورية في العهد الروماني» وحبذا أن يعطى التوجيه اللازم لجامعة دمشق، كلية الحقوق، أن تطلق هذه التسمية على مادة القانون الروماني، بدلاً من الاسم الحالي، تصحيحاً للخطأ ولإبراز أهمية دور السوريين في بناء الصرح القانوني العالمي.
ومن هذا المنطلق منطلق العقلية السورية المنظمة لا بد من الارتقاء بالمؤسسة القضائية إلى المستوى المطلوب، وهنا لابد من تسليط الضوء على السلبيات أولاً، ثم طرح الحلول المناسبة حسبما أعتقد وأرى.
إن أهم المعوقات والعوامل التي أدت إلى تدني أداء المرفق القضائي في سورية إلى مستوى لا نحسد عليه وسبب إلى إشكالية عدم الثقة بينه وبين المواطن وعدم الشعور بالأمان أعتقد أنه يعود إلى الأمور التالية:
أولاً- الجامعة: ويبدو أن العدد الكبير للطلاب، وكذلك تحيز البعض لطالب دون الآخر يؤثر سلباً على المستوى العلمي للطالب، ما لوحظ تدنياً علمياً واضحاً لدى الخريجين لأن الدراسة الجامعية لم تعد بالمستوى العالمي المطلوب.
ثانياً- انتقاء القاضي: إن انتقاء القاضي يحكمه عدد من الإشراطات التي تعوق تعيين الشخص الجيد كقاضٍ تتلخص بالآتي:
2-1: في أكثر الأحيان لا يكون انتقاء القاضي وفق معايير وأسس موضوعية إنما يبقى للواسطة والعلاقات الشخصية، والقرابة و... و... هامش كبير تلعب دورها في ذلك، ما يؤثر سلباً على المؤسسة القضائية وعلى العمل القضائي ويعوق تحقيق العدالة الاجتماعية.
2-2: كما أنه هناك عامل آخر هو ضيق مساحة الاختيار لعدم توفر المؤهلات العلمية والشخصية للخريجين الجدد كما بينته في الفقرة السابقة.
2-3: إضافة إلى موضوع الانتماء السياسي، حيث يعين أكثر القضاة من الأحزاب السياسية وعدد ضئيل من المستقلين، رغم أنه يفترض في القاضي عدم الانتساب لأي حزب سياسي، أو لأي جماعة، فالقاضي يمثل الوطن كله، ويطبق القوانين الصادرة وفق الأصول القانونية تحت سقف المجتمع الواحد وبحيادية تامة، وهذا ما لا يمكن تحقيقه في حال انتساب القاضي لجماعة معينة أو لحزب معين، وبالتالي ما يؤثر سلباً على حسن سير العدالة، كما أن القبول على أساس الانتماء السياسي يجعل من بعض الأشخاص المنتقين غير مؤهلين لأن يكون لهم مركز - قاضي- بغض النظر عن كونهم جيدين كأشخاص أم لا، فالقاضي لا يكفي أن يكون حسن الأخلاق، وكثير من القضاة هم كذلك لكنهم فاشلون في العمل القضائي لأن شخصية القاضي ترتكز على دعائم أساسية إضافة إلى الخلق، مثل الحلم، الاستيعاب، القسوة والحكمة بأن، الثقافة القانونية العالية....
ثالثاً- تدني مستوى الثقافة القانونية: وهذا يعود بشكل منطقي لعدم إعداد الطالب الإعداد الجيد في الجامعة، إضافة إلى تدني الحس المسؤول لدى شريحة كبيرة في المجتمع، ما يجعل تربية هذا الشخص قائمة على الحالة السلبية وليس الإيجابية، إضافة إلى عدم سعي الدولة وأجهزتها التعليمية والإدارية لأن تكون البديل عن الأسرة في احتواء شباب المجتمع والعمل على رفع سوية الثقافة القانونية لدى أبنائه، كما أن عدم المبادرة الفردية من قبل القاضي لرفع مستواه الثقافي، القانوني والعام، نتيجة هذه التربية، كل هذا يؤثر سلباً على الفهم القانوني الإيجابي والتحليل القانوني الصحيح للنصوص بما ينسجم وإرادة المشرع وروحية القانون، وهذا يعود إلى تدني المستوى المعيشي للقاضي وقلة الراتب الذي يتقاضاه وهذا يعود في أحد أسبابه الهامة إلى عدم توفر المراجع القانونية، وعدم استطاعة القاضي شرائها ليعتمد عليها في أحكامه، وعدم وجود مكتبة قانونية عامة تفي بالغرض.
رابعاً- الحالة الاقتصادية المزرية للقاضي: هذا ما يجعل بعض القضاة يسعى إلى الآخرين بطرق ملتوية لتحسين وضعه الاقتصادي إلى ما لهذا الأمر من نظرة استنسابية تختلف من شخص إلى آخر في مفهوم الوضع الاقتصادي؟ هذا مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل التربية البيئية والاجتماعية التي عاشها كل قاض على حدة بحيث تتناسب هذه العوامل مع فترة سقوط كل قاض في المعصية، وأقول البعض، لأنه لا يخلو الأمر من وجود قضاة نزيهين حتى الآن.. علماً أن على القاضي التزامات اجتماعية كثيرة تشكل عبئاً اقتصادياً إضافياً عليه، كأن لا يركب بوسائل النقل العامة، وألا يظهر بأماكن عامة شعبية، وأن يبقى بمظهر عام لبق وأنيق.... و... إلى آخر ما هنالك، وهذه أمور يتطلب تحقيقها حالة اقتصادية جديدة وهي غير متوفرة.

خامساً - تدخل عدة جهات بتعيين وشؤون القضاة: إذ إن هيمنة السلطة التنفيذية بكافة مسمياتها على باقي السلطات في المجتمع- التشريعية والقضائية- وخاصة السلطات الأمنية والسياسية يفسح المجال لبعض أفراد هذه السلطات ممن يستغلون مناصبهم التدخل في شؤون القضاة لصالح أحد أطراف الدعوى، نتيجة القناعة المتأصلة لدى هؤلاء أن هذه السلطات لها من القدرة ما يؤثر على مسيرة حياتهم بالكامل، فالقاضي يلبي متطلبات هؤلاء الأشخاص التي تكون على الغالب شخصية ليس إلا، إما حذراً من رأي هذه السلطة الأمنية أو انصياعاً لأوامر السلطة السياسية التي هو أحد أعضائها ومن واجبه، من وجهة نظره، أن يلبي طلباتها، أو لحاجته إلى عطيات السلطة التنفيذية، خاصة إذا كان قاضياً في المناطق والنواحي، لأن القاضي هناك يسعى لكسب ود مدير المنطقة أو مدير الناحية ليؤمن حاجاته، وهذا ما يؤثر سلباً على صحة القرار الصادر، وبالتالي على عدالة المؤسسة القضائية.
سادساً - إقناع، واقتناع القاضي أنه موظف؟: حيث تصدر عن السلطات التنفيذية تعاميم وبلاغات، توجه إلى وزير العدل الذي يعممها بدوره على المرفق القضائي ويوجب العمل بها، إضافة إلى التعاميم والبلاغات التي تصدر عنه ويلزم المرفق القضائي بها، وأغلب الأحيان تكون هذه التعاميم والبلاغات مخالفة للنص القانوني أو معطلة أو حادة له، وينصاع القاضي لهذه البلاغات والتعاميم، معطلاً وتاركاً العمل بالنص القانوني، معتبراً نفسه موظفاً لدى هذه السلطة أو تلك ناسياً أن لا رقيب ولا حسيب عليه سوى وجدانه المهني وقدرته القانونية وأن الدستور أعطاه الاستقلالية الكاملة في تطبيق القانون دون العودة على أحد وعلى أن يكون مبدعاً في نص القرارات وفق الدستور والقانون ونتيجة هذا الأمر فإن تطبيق النص القانوني بالنسبة للقاضي ليس إلا إجراء روتيني أكثر منه معالجة لكل حالة خاصة على حدة، يلبي متطلبات الواقعة وظروفها، وهو بالتالي لا يحق له المبادرة في إصدار الأحكام كما يرى ومن وجهة نظره القانونية ليس إلا، ولا يرتقي بتفكيره إلى أكثر من ذلك، لاقتناعه كما بينت أنه موظف، عليه أن يطبق ما يملى عليه.
سابعاً- امتناع الإدارات عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحقها: وهذا طبعاً يدل دلالة واضحة على هيمنة السلطة التنفيذية على باقي السلطات في الدولة، لكنه في الوقت ذاته يضعف الثقة لدى أفراد المجتمع بالمرفق القضائي وبأحكامه، ويخفف وطأة المسؤولية عن القاضي بأن لا يعود يشعر بقيمة قراره وأهميته، أما الحجج التي تقدمها هذه السلطات فهي لا تمت إلى الواقع بصلة، ونفس القرار ينفذ أو لا ينفذ حسب مداخلات أو وساطات معينة، أو... أو.. ضاربة بعرض الحائط المبادئ الدستورية التي تؤكد على وجوب تنفيذ القرار القضائي بغض النظر عن أي أمر آخر وهذا كما بينت ما يفقد الثقة بالمرجعية القضائية التي يفترض فيها أن تكون عامل اطمئنان واستقرار لأفراد المجتمع.
ثامناً - أين نقابة المحامين وفروعها والمحامون من هذا: معروف لدى الجميع أن القضاة والمحامون يشكلان جناحي العدالة وأن ضعف أحدهما لا بد أن يؤثر على الآخر، وهنا لا بد أن أذكر ما يعتلي العمل النقابي من سلبيات تؤثر بشكل كبير على المرفق القضائي خاصة وعلى المجتمع عامة وتخلق ثقافة قانونية لدى الأفراد تخرب العقلية القانونية وتجعلها بعيدة عن التطبيق القانوني.
وعن دور نقابة المحامين وفروع النقابة، فالانتخابات بداية لا تتم بطريقة ديمقراطية، وهي أقرب ما تكون إلى التعيين منها إلى الحالة الانتخابية الصحية، ما يؤدي إلى تسلل بعض الأشخاص من الذين ليس لديهم التجربة ولا الخبرة الإدارية ولا القانونية لعمل قيادي على هذا المستوى الرفيع، وبالتالي غير مؤهلين وغير قادرين، على الارتقاء بالعمل النقابي، أو القانوني، ما ينعكس على العمل النقابي ككل ويقف عائقاً لأن تؤدي النقابة دورها كما هو مرسوم لها، وهذا يعود لنفس الأسباب التي ذكرتها أعلاه بالنسبة للقاضي، وعدم وجود الكوادر الكفوءة في الفروع يجعل آلية قبول المحامين الجدد تبنى على معايير شخصية بحتة وروتينية ليس لها أي معيار قانوني أو حتى أخلاقي، كما أنه يؤدي إلى الغياب الكامل للفحص الحقيقي لمن أراد أن ينتقل إلى مرتبة الأستاذ في المحاماة، إذ يحكم الفحص علاقة أعضاء الفرع بأستاذ المدرب وعلاقة المدرب بالفرع وعلاقته بأطياف اجتماعية معينة.. أمام هذه الحالة برزت شريحة من المحامين المبتدئين في المهنة بسلوك أسلوب السمسرة لأسباب عديدة، أهمها وجود المناخ الملائم لها، وسهولة هذه الطريق عن غيرها بالنسبة للأشخاص الذين دخلوا واجتازوا امتحان الأستذة بالسهولة التي تحدثت عنها، والأمر الآخر، خوفاً من أن يصبحوا خارج اللعبة، وبالتالي لا يستطيعون الارتزاق من أداء عملهم كمحامين فيفضلون السمسرة على العمل الحقوقي المبدع.
ونتيجة هذا الوضع، فقد وجدت طبقة اجتماعية في القصر العدلي تزرع المفهوم السلبي للمرفق القضائي، وتقلل ثقة الناس به، وتشيع الشائعات المغرضة وغير الصحيحة في كثير من الأحيان، ذلك لتجد لنفسها مكاناً، دون أن يكون لهذا المرفق يد بالأمر، علماً أن لتغييب دور المحامي المهني والتقني الحقيقي في الدعوى الدور الكبير في تردي الارتقاء القانوني لأن الدفوع والرد عليها تحرض العقول للارتقاء.
كما أن من أهم عوامل عدم قيام النقابة بدورها تغييب السلطة التنفيذية لهذا الدور وعدم إعطائها دورها الحقيقي، خاصة فيما يتعلق بالأمور التشريعية وضرورة الأخذ برأيها ونصحها. لأنه من أهم أدوار نقابة المحامين هو العمل التشريعي والفقهي.
وأخيراً فإني أرى في هذه الأسباب وأسباب أخرى عديدة كلها أدت إلى تراجع المرفق القضائي عما نأمله منه واستهدافاتنا الإصلاحية ونفسيتنا التواقة إلى النظام والتنظيم، وبما أن النقد المجرد يفقد مصداقيته ويبقى قولاً لا قيمة له، فإني كمحام ممارس للمهنة منذ زمن ليس بالقصير ومن خلال تجربتي المهنية لا بد لي أن أستقصي الحلول من وجهة نظر قانونية وعملانية، وعليه فإني أرى أن رفع المستوى العلمي والقانوني للمرفق القضائي وتحسين المؤسسة القضائية بكافة جوانبها، يتطلب العمل وفق منهجين:
الأول: ميداني آني.
الثاني: إستراتيجي وفق خطة ممنهجة وعلمية.
الحل الميداني (إسعافي): العمل وبشكل سريع على تفعيل دور التفتيش القضائي وإبعاد القضاة الذين يثبت ارتكابهم لفعل مخالف للقانون وفق معيار الحق والعدل والسعي لتعيين محامين ممن عرفوا بالمهنية العالية والسمعة الجيدة كقضاة وحسب الحاجة لكل مرتبة، ومحاسبة المساعدين العدليين من كتاب المحاكم وموظفي الدواوين والأذّان وغيرهم ممن يشكلون كوادر المرفق القضائي، حيث نادراً ما نسمع عن محاسبة المساعد العدلي نتيجة ارتكاب معين أو إهمال وهذا منه الكثير.
الحلول وفق خطة ممنهجة
وعلمية (إستراتيجية):
أولاً - رفع مستوى الثقافة القانونية وحس المسؤولية والانتماء لدى المواطن والمختص:
فبشكل عام هناك ضبابية وعدم وضوح لدى المواطن عن دوره كمسؤول عن تطبيق القانون نتيجة التربية الخاطئة وعدم تصويبها من قبل الدولة خلال الفترة الدراسية لما قبل الجامعية ولا خلال الفترة الجامعية، ما أدى بالشخص إلى تجاوز القانون نتيجة الشعور بضعف الانتماء الذي يولّد عدم الحس بالمسؤولية، الذي أدى بدوره إلى خلل اجتماعي وسياسي واقتصادي، أدت بدورها إلى خلل قضائي ولكي نتجاوز هذا الأمر ونعد إنساناً مجتمعياً بحق، لا بد من إعداد البرامج المكثفة والخاصة بتنمية ثقافة الانتماء والحس بالمسؤولية من خلال تنمية الثقافة القانونية والمجتمعية عن طريق المدارس والجامعات ووسائل الإعلام وغيرها من السبل مما لهذا الأمر من دور في ارتقاء الحالة المجتمعية والقانونية لدى الشخص، لنصل إلى مستوى يقوم الشخص بتنفيذ النصوص القانونية بشكل إرادي لا عن طريق الزجر والعقوبة، وهذا يريح المواطن والدولة، لأن ليس للدولة القدرة أن تضع لكل مواطن رقيباً وإذا فعلت فيكون هذا الأمر على حساب أمور أخرى أولى بالاهتمام. وهذا أمر يؤدي إلى تخفيف الضغط على المرفق القضائي.
ثانياً - دور الجامعة: وأختصر الحديث هنا لأتكلم فقط عن ضرورة بناء الطالب الجامعي البناء العلمي والأكاديمي والمناقبي الجيد والمتميز والابتعاد عن سياسة الاستيعاب الكيفية، وعدم الانحياز غير المبرر لطالب عن غيره مهما كانت الأسباب.
ثالثاً - آلية انتقاء القاضي: ضرورة تشكيل لجان لانتقاء القضاة من أشخاص عرفوا بالكفاءة العالية والنزاهة والتجرد، وعدم تأثرهم بالمؤثرات الخارجية، أي عدم قبول الواسطة، وأن يكون الانتقاء وفق معايير موضوعية محددة، لها شقّان الأول يتعلق بشخص القاضي والثاني بحالته الاجتماعية والأسرية والتربية البيئية له، وأن يدخل في قوام اللجنة أخصائيون نفسيون واجتماعيون لدراسة شخصيته بالدرجة الأولى قبل أن يتم اختباره بمدى حفظه للقانون لأن هذا العامل يكتسب بالمران والخبرة، أما الشخصية غير المؤهلة فلن تنصلح لا بل سوف تتعامل بفوقية مع الآخرين ما يؤثر سلباً على سمعة القضاء.
وهنا لا بد من التركيز على ضرورة زيادة عدد القضاة بما يتناسب وعدد الدعاوى المنظورة في سورية وقدرة الشخص الطبيعي على التعامل مع عدد معين من الدعاوى ليستطيع أن يحقق العدالة المطلوبة، مع ضرورة أن يبقى العامل النوعي والمتميز أساس لا يمكن الاستغناء عنه، عندها نستطيع تطبيق القانون بالشكل الأمثل الذي نتوخاه من هذا القاضي.
رابعاً- استقلال المرفق القضائي: وهذا أهم عامل من عوامل نجاح المرفق القضائي ودونه لا يمكن لهذا المرفق الارتقاء وإعطاء حالة الطمأنينة للمجتمع ولو توفرت باقي العوامل جميعها، ولا يمكن تأمين استقلالية المرفق القضائي من وجهة نظري إلا بتحقق التالي:
4-1: أول فعل يجب أن تقوم به الدولة، هو تعديل المرسوم القاضي بجعل وزير العدل هو نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى وإعادة الحال إلى ما كان عليه باعتبار أن رئيس محكمة النقض هو نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهذا الأمر ينسجم ومبدأ فصل السلطات ويرفع هيمنة السلطة التنفيذية ممثلة بوزير العدل على السلطة القضائية في التعيينات والتنقلات للقضاة... وغيرها.
4-2: الدعم المالي لوزارة العدل، لأن إمكانياتها ضعيفة جداً بهذا المجال ما يعوق أداءها على كافة الأصعدة (مرافق- خدمات- أجور- أبنية....) على الرغم من أنها من أهم الوزارات التي تقدم دعماً لوزارة المالية، وضرورة رفع المستوى المعاشي للقاضي من خلال دخله الشهري وتأمين السكن له ولعائلته، وتأمين وسائط النقل وغيرها من الأمور التي تريحه ذهنياً ونفسياً وتجعله يقوم بأداء عمله بشكل أفضل وأمثل.
3-3: أولوية تطبيق القوانين، بالاعتماد على الوجدان المهني للقاضي أولاً والمعيار القانوني للنص والاجتهاد ثانياً واستبعاد أي تعميم أو بلاغ من أي مكان صادر ومهما كانت صفة مصدره.
3 - 4: عدم السماح بالتدخل بعمل القاضي لأي سلطة غير السلطة القضائية المسؤولة عنه ووفق الأنظمة والقوانين، مهما كانت وتقييم أدائه من خلال المؤسسات القضائية وضمن معايير تقييم العمل المهني وليس أي معيار آخر، وبشكل مستقل عن كل المؤثرات.
3-5: إلزام الجهات الإدارية مهما كانت وبلغت بتطبيق القرارات الصادرة عن المحاكم دون مناقشتها لأنه يفترض أنه تم تمثيل الإدارة أمام المحاكم من خلال محاميها وهي إن قصرت في إبداء دفوعها التي تشكل مستند للقاضي ولم تبدها، فهي التي يجب أن تتحمل نتيجة هذا التقصير، وإن تنفيذ قرارات المحاكم هو واجب دستوري بغض النظر عن أي أمر آخر، وإن في تنفيذ قرارات المحاكم ما يزيد ثقة المجتمع بالمؤسسة القضائية.
خامساً- إعادة التأهيل البشري والتقني والقانوني والاستمرار به: وهذا يتمثل بعدة أمور:
5-1: ضرورة إحداث معهد متوسط قضائي للمساعدين العدليين يرفد المحاكم بأشخاص يستطيعون القيام بعملهم بشكل جيد ومتميز لا أن يبقى عمل هؤلاء مرتبطاً بالروتين المعمول به والتجربة و... و... و.
5-2: إدخال الأتمتة والمعلوماتية في عمل المرفق القضائي وشبكات الاتصال بين دوائر الكتاب بالعدل خاصة لما في ذلك من تخفيف من جرائم التزوير وغيرها.
5 -3: إحداث مؤسسات للخبرات والطبابة الشرعية قائمة على أسس علمية وتقنية عالية لما لهذه المؤسسات من دور هام في كشف ومعرفة الكثير عن واقعة أي دعوى والتي تقود القاضي إلى إصدار القرار الصائب والذي يحقق العدالة.
5-4: تعديل ما يجب تعديله من القوانين والأنظمة المعمول بها من خلال مختصين بما ينسجم مع المفهوم الحالي للتطور ودفع عجلة التحديث لهذه القوانين، ما يعيد الحيوية للمؤسسة القضائية ويزيد من ثقة المجتمع بها.
5-5: إعادة النظر بهيكلية ودور إدارة قضايا الدولة والاعتماد على محامي نقابة المحامين في التوكل عن إدارات الدولة.
سادساً- ضرورة تفعيل دور المحامين: من خلال إعادة النظر في تنظيم مهنة المحاماة، وإيجاد المعايير القانونية والحقيقية للانتساب للنقابة وللأستذة وإيجاد معهد قضائي للأستذة أسوة بالمعهد القضائي لبناء إنسان قانوني قادر أن يكون مسؤولاً عن احترام القانون واحترام تطبيقه، كما وإعطاء الدور الأساس للنقابة والفروع بالمشاركة بإعداد القوانين نتيجة الخبرة العلمية والعملانية التي يتميز بها المحامي عن غيره، وبشكل عام ما ينطبق على القاضي ينطبق على المحامي.
وأخيراً فإن السعي لبناء المرفق القضائي- كما أي مرفق آخر في الدولة- ليس هدفه فقط تحقيق العدالة بل بناء هذا المجتمع البناء الذي يصل فيه إلى أعلى مراتب الارتقاء والاستقرار والأمان ما يؤثر إيجاباً على تطوره وارتقائه ويجعله قوة منيعة أمام الآخرين والعابثين.







رد مع اقتباس
قديم 07-07-2011, 02:36 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المحامي باسل العلي
عضو مساهم نشيط جدا
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


المحامي باسل العلي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: آراء ومقترحات في الإصلاح القضائي

في الحقيقة مقال جامع مانع ومقترحات جميلة نرجو ان ترى طريقها الى النور







التوقيع

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ................... واخو الجهالة بالشقاوة ينعم

رد مع اقتباس
قديم 07-07-2011, 06:24 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المحامي محمد خير عرابي
عضو مساهم نشيط

الصورة الرمزية المحامي محمد خير عرابي

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي محمد خير عرابي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: آراء ومقترحات في الإصلاح القضائي

فعلا مقال جامع مانع ومقترحات جميلة
لكن نتمنى من الله عزوجل أن يهيئ لنا النخب الحقيقية في مراكز صنع القرار
حتى ترى طريقها إلى النور






التوقيع




*قل اللهم مالك الملك


تؤتي الملك من تشآء


وتنزع الملك ممّن تشآء


وتعزّ من تشاء


وتذل من تشآء


بيدك الخير


إنّك على كل شيء قدير


*آل عمران الآية /26/
رد مع اقتباس
قديم 09-07-2011, 08:13 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محمد أيمن
عضو جديد مشارك
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


محمد أيمن غير متواجد حالياً


افتراضي رد: آراء ومقترحات في الإصلاح القضائي

كل الشكر للجهد الذي قدمته استاذنا

وان سمحت لي براي فاقول :
ان مشكلتنا ليست بالقضاء فقط مشكلتنا هي بكل بساطه انعدام الوازع الاخلاقي والديني والرقابه الشخصيه للفرد على نفسه او احساسه برقابة خالقه له
ان انقلاب المفاهيم الذي نعيشه والذي يجعل من الفاسد ناجح فهو يعرف ان يتدبر امره افضل من الصالح لانه قليل حيله وقد لا يستحق الحياة لدى الكثيرين ادى لسيطرة الفاسدين على الجهاز الاداري والقضائي وحتى اصغر عامل فيه الا من رحم ربي وهم قلة .

اظن ان الحل لكل مصائبنا بأعادة التركيز على الاخلاق وجعلها معيار لتقييم الانسان واعادة الوازع الديني والاخلاقي للنفوس وهو ليس بالعمل السهل فيتطلب جهود من المؤسسات والتنظيمات الشعبيه ومن رجال الدين المقربين من نفوس الشعب .

طرح مميز وجهد مشكور استاذنا






رد مع اقتباس
قديم 11-07-2011, 11:27 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
فادي كحيل
قاضي

الصورة الرمزية فادي كحيل

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


فادي كحيل غير متواجد حالياً


افتراضي رد: آراء ومقترحات في الإصلاح القضائي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أيمن مشاهدة المشاركة
  
كل الشكر للجهد الذي قدمته استاذنا


وان سمحت لي براي فاقول :
ان مشكلتنا ليست بالقضاء فقط مشكلتنا هي بكل بساطه انعدام الوازع الاخلاقي والديني والرقابه الشخصيه للفرد على نفسه او احساسه برقابة خالقه له
ان انقلاب المفاهيم الذي نعيشه والذي يجعل من الفاسد ناجح فهو يعرف ان يتدبر امره افضل من الصالح لانه قليل حيله وقد لا يستحق الحياة لدى الكثيرين ادى لسيطرة الفاسدين على الجهاز الاداري والقضائي وحتى اصغر عامل فيه الا من رحم ربي وهم قلة .

اظن ان الحل لكل مصائبنا بأعادة التركيز على الاخلاق وجعلها معيار لتقييم الانسان واعادة الوازع الديني والاخلاقي للنفوس وهو ليس بالعمل السهل فيتطلب جهود من المؤسسات والتنظيمات الشعبيه ومن رجال الدين المقربين من نفوس الشعب .

طرح مميز وجهد مشكور استاذنا



لا فض فوك







رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إضاءات على طريق إصلاح القضاء abdoullahali تطوير القضاء 0 11-02-2010 02:37 PM
التوصيات الصادرة عن المؤتمر الثاني عشر لرؤساء أجهزة التفتيش القضائي المحامي حازم زهور عدي تطوير القضاء 0 02-01-2010 12:21 PM
قانون الاجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة 2001م أحمد الزرابيلي قوانين دولة فلسطين 0 26-11-2009 12:32 AM
تعيين الحارس القضائي و مسؤولياته في القانون المغربي. ميمون بوجمعاوي مقالات قانونية منوعة 0 23-06-2008 12:10 AM
الإصلاح القضائي في الجمهورية العربية السورية الدكتور المحامي فاروق أبو الشامات تطوير القضاء 0 23-04-2008 08:22 AM


الساعة الآن 06:34 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Nahel
يسمح بالاقتباس مع ذكر المصدر>>>جميع المواضيع والردود والتعليقات تعبر عن رأي كاتيبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى أو الموقع