في البدء اسمحوا لي أن أحييكم جميعاً رفاقاً وزملاءً وأسياد كلام وأنا الذي أتيت من دمشق الفيحاء إلى حلب الشهباء حاملاً إليكم عبق ياسمين الشام وشذى جوريتها المعتقه في خوابي الزمان والمكان، حلب سيف الدولة وعبق أبي فراس والمتنبي.
هي لحظات جميلة، يتمنى المتحدث فيها أن يحذف الكلام والأقلام ليدخل العبارات بصمت صاغياً إلى لحظات الفرح الوطني الكبير.. إنه الاستفتاء الذي نعيشه فرحاً وطنياً استمراراً لنهج قومي بامتياز، إنه السيد الرئيس بشار الأسد سيد مدرسة الوضوح السياسي والعقلانية والشفافية، قائد شجاع، شجاع.. أثار ويثير دهشة العالم بالطريقة التي يقود فيها سوريا وهو العالمُ والعارف بعبقرية المنطقة ماسكاً بالريح التي تهب عليها منذ سنوات يوم أمسك بدفة القيادة بمهارة ليتابع المسيرة بحكمة وهدوء وصمت أبلَغَ من البلاغة وليوقع راسمي الخرائط بفشلٍ لم يعرفوه من قبل.
نعم ففي الزمن الاستثنائي تبرز استثنائية القائد واضحة لا تقبل الجدل، كما تظهر قبل هذا وذاك عبقريته وتوجيهاته المعقلنة المبنية على أسس من العمق في الرؤية والوضوح في الهدف، وبالبراغماتية في التعامل مع هذا الواقع في خضم هذه التحولات الاستراتيجية ، لكن هذه القوى لم تستطع بالرغم من امتلاكها القدرات الضخمة من إيقاف برنامج السيد الرئيس بشار الأسد بالتطوير والتحديث، وإيجاد تشريعات عصريَّة ضرورية لنهضة ورفعة البلاد، وبقي السيد الرئيس مستمراً في استخدام لغة الصمود والكرامة والممانعة في وجه قوى الغطرسة والهيمنة وإعلانه لخيار المقاومة في أشد الظروف صعوبة ووقوفه بشموخ وعزة إلى جانب المقاومة العربية في فلسطين ولبنان والعراق متصدياً بعناد للمؤامرات والمخططات التي استهدفت العرب كل العرب، وكانت لحركته الدؤوبة سياسياً ودبلوماسياً ولقاءاته مع قادة المنطقة والعالم وموفدي الدول خلال سنوات سبع من الحكم الأساس في إفشال سياسة الحصار التي حاولت فرضها القوى الاستعمارية على سورية، بل على العكس تماماً فكانت دمشق قبله لمئات الزائرين الباحثين عن إجابات لأسئلة كثيرة لا أجوبة لها إلاَّ في دمشق، وتحديداً عند السيد الرئيس بشار الأسد الذي عرف حقيقة ما يجري وكيفية التعامل معه بهدوء وصمت وعقلانية شديدة أثارت دهشة الجميع، كل الجميع.
نعم يا سيد الوطن فأنت الذي لم تعلمنا الحزن ولا الرثاء ولا التوقف في الزمان والمكان، بل علمتنا أن نستمر بإرادة قوية وعزيمة لا تعرف الاستكانة ولا الخنوع والاستسلام في زمن سموه زمن الاعتدال، فأي تغيير في المصطلحات هذا؟ ونحن الذين لم نؤمن إلاَّ بما قلته أيها القائد – زمن المقاومة.
أما على الصعيد الاقتصادي فكان القائد ولا يزال يسعى لتجديد بنية سورية الاقتصادية والإدارية والعلمية، والتقنية وعمل بجدَّية شديدة، وإرادة واعية وبرؤية إستراتيجية عميقة لإشاعة الاستقرار وكانت لزياراته الميدانية للمحافظات واللقاءات والاجتماعات النوعية محركاً أساسياً لدفع مسيرة التطور والتحديث إلى آفاق جديدة أساسها توسيع عملية الإصلاح والتطوير والتأكيد على تغليب العمل المؤسساتي، ومشيراً إلى جدلية الارتباط بين الروتين والفساد.
عشرات وعشرات المراسيم أصدرها السيد الرئيس هدفت إلى تطوير الأداء ورفع نسب التنمية السنوية إلى أعلى نسب ممكنة الأمر الذي يشير إلى خطوات واثقة في الإصلاح الاقتصادي هدفها الأساسي تحسين الوضع المعيشي للمواطنين وتحصين الاقتصاد الوطني، وهذا هو الهدف الاستراتيجي لعملية التطوير والتحديث والتي لا يمكن أن تؤدي نتائجها بامتياز إلا بمشاركة كل المواطنين بكافة شرائحهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعصى السحرية تكون موجودة عندما يمسك بها الجميع ويشاركون بعملية التطوير والتحديث بعيداً عن الشخصنة والأنانية وحب الذات فهذا زمان لا مكان فيه إلاَّ للرجال القادرين على العطاء والعمل بدون أية حسابات تكتيكية إلاَّ بما يخدم الوطن والمواطن والمؤسسات.
مسيرة طويلة إذا أردنا الحديث فيها فنحتاج إلى ساعات وأيام طوال لكنني أردت أن أضيء اضاءات سريعة على عناوين كبيرة دون الإسهاب والشرح والتفصيل فيها.
لكنني أيضاً وأخيراً لن أغيب عن الفرحة فرحة الاستفتاء باعتباره قيمة وطنية وقومية، سياسية، وفكرية، واقتصادية، وأخلاقية، هذه الفرحة التي تعم الوطن في هذه الأيام بموجاتها العاطفية والعقلانية التي تفعم المنازل والأحياء والقرى والمدن فرحاً وغبطة وتجمع شملاً في عصرِ تفرِّقِ الشمل ولتوكد هذه الجماهير حجم تعلقها بقائدها وقائد مسيرتها، لكن وبذات الوقت فهذه الفرحة الكبيرة يجب أن لا تنسينا المعنى السياسي والاستراتيجي لما أنجز ولما ننتظره وينتظرنا في القادم من الأيام والذي يجب أن تكون المشاركة فيه مشاركة وجدانية صادقة تكثَّف فيها الجهود لدعم استقلال القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي رسمه القائد بشار الأسد وإعلاء البناء على البناء، ولندعم الصمود لتحرير المحتل من الأرض، ولنعمل على تعميق رؤية التطوير والتحديث كرؤية إستراتيجية وإبعادها عن مفهوم الخطاب السياسي والعمل على خلق الأدوات والآليات التي تجعلها كذلك، والعمل أيضاً على تأكيد ما أكده السيد الرئيس بممارسة العمل المؤسساتي باعتباره أرقى أشكال الممارسة الديمقراطية التي من خلالها يمكن مقاومة كل المشاريع المشبوهة التي تحاك وقد تحاك لسورية، ولنعمل مع القائد على صياغة مشروعنا الوطني والقومي والنهضوي في القادم من الأيام فالزمن ليس للأقوال بل للأفعال.
فهنيئاً لنا وستبقى الاستمرارية بين الأمس واليوم وغداً كلمة سوريا السحرية، عشتم وعاش القائد وعاشت سوريا ولنحيي أيام البيعة أعراساً وأفراحاً وطنية كبرى لا حدود لها إلاَّ الوطن كل الوطن.
وشكراً لكم
أمين سر مجلس نقابة المحامين في سورية نزار السكيف |