بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على إمام
المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم و بعد :
كلما عشنا
رأينا العجب العجاب ، فقد حصلت سرقة في أحد الأماكن وكان لي صلة قرابة مع
البيت المسروق ، فاتصل أحدهم معي وقص لي ما حصل و أنهم قد أخبروا الأمن
فحضر و أخذ البصمات و مخلفات السرقة .... إلخ .
ثم قال لي
أن أحد أفراد العائلة ذهب إلى الشيخ فلان ( طبعا المشعوذ ) فقال له : أن
السارق فلان و فلان و أن السرقة قد حصلت في الساعة كذا و كذا و أن
المسروقات في المكان الفلاني .... إلخ .
و المشكلة
أن الساحر قد نطق بالأسماء و الأوصاف و الأمكنة المحددة مما جعل أصحاب
المشكلة يعتقدون جازمين بصحة المعلومات التي أدلى بها هذا الدجال .
فنصحت
القوم بأن هذا الاتهام باطل لا يجوز و أن كل ما يقوله هذا المشعوذ باطل و
كذب ذلك أن الشيطان عدو لنا و هو يريد الفتن و غرس العداوات بين الأهل و
الأقارب .
و رغم كل
ما قلتو فعلت ، فقد أخبروا أصحاب الشأن رجال الأمن : أن السارق فلان و قد
شاهدناه في يوم كذا و ساعة كذا و هو يخفي المسوقات في المكان كذا بناءا على
المعلومات الشيطانية .
و فعلا
الشرطة العزيزة لم تكذب خبر ألقت القبض على السارق المزعوم و أنزالت عليه
سوء العذاب و لمدة ساعتين متواصلتين ثم ذهبت الشرطة إلى بيت المتهم فلم تجد
فيه شئيا و المتهم لم يعترف ، لأنه لم يسرق بل كان الأمر كله كذب بكذب بسبب
جري ضعفاء الدين و العقل وراء الشيطان و جنوده .
قال تعالى : ( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ
لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً) (الإسراء:53) .
و
قال جل جلاله : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ
عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ
السَّعِيرِ) (فاطر:6) .
فالشيطان عدو مبين و هو يريد أن يوقع العداوة و البغضاء بين
العباد و مع هذا نجعل هذا الشيطان وليا لنا فمن يذهب إلى الساحر ( الشيخ )
لفتح مندل أو ما شابه إنما يذهب إلى ولي الشيطان حتى يخرجه عن دينه و يقذفه
في الفتن بين الأهل و الأقارب و المعارف و الجيران .
قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم :( من أتى عرافا أو كاهنا ، فصدقه بما يقول فقد كفر بما
أنزل على محمد ) .
رواه الترمذي و ابن ماجه و الدارمي و هو حديث صحيح .
و في رواية أخرى : من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو
كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) .
و عن عمران بن حصين رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو
سحر له . ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد .) .
رواه البزار بإسناد جيد .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : من أتى عرافا أو ساحرا أو
كاهنا فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم
.
وهؤلاء الذين يذهبون إلى هذا الساحر ويقولون له قد سرق لنا
شيء أو أشياء فيقول لهم : أن الذي سرقكم اسمه فلان أو أن علاماته كذا و
وكذا فصدقوه – و هو ما يحصل بالفعل – فقد كفروا بما أنزل على محمد صلى الله
عليه و سلم أي أنهم قد نكروا و جحدوا بالقرآن الكريم و بالتالي فقد خرجوا
عن الملة إن لم يتوبوا من هذا الفعل الكبير.
و الطامة الكبرى أن هؤلاء السحرة – بحسب قول أحدهم –
يملكون شهادات شكر تقدير من بعض الأجهزة الأمنية و الساحر يتباهى بهذه
الشاهدة .
و الطامة الثانية أن المتهم المسكين يقدم إلى القضاء بناء
على هذا الدليل المزعوم المخالف للشرع و القانون والعقل القويم ( طبعا إن
اعترف نتيجة للضغط الشديد عليه من رجال الأمن ) .
وعليه فإننا نهيب برجال القانون ( قضاة – محامون – رجال أمن
) أن ينتبهوا إلى هذا الأمر ، فلا يقع البريء بحيل و أساليب الشيطان و
رجاله .
بل على رجال
الأمن مكافحة السحرة و الدجالين بكافة الطرق و الأساليب .
كما نهيب
بالقضاة الانتباه إلى تلفيق التهم بهذه الطريقة الشيطانية فقد أصبح أمر
شائع جدا في تهم السرقات .
كما نتمنى على
المحامين عدم قبول أمثال هذه الدعاوى مهما كان الإغراء لأن من يعين على ظلم
فهو ظالم ومن يعين على كفر فهو كافر .
قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( من أعان على خصومة بظلم أو يعين على ظلم لم يزل في سخط
الله حتى ينزع ) . رواه ابن ماجه و هو حديث صحيح .
و
أختم قولي بكلمات الله
تعالى جل و علا :
(يَا
أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا
تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)
(البقرة:168)