كتبَ المحامي بلال سميط:
لطَّالما اهتمَ المحللون السياسيون بمكامنِ قوةِ الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية والاقتصادية والسياسية , ولقد لحظتُ قِلة الاهتمام بالنظامِ القضائي وكما قالَ ابن خلدون ((العدلُ أساسُ المُلكِ)) لذلكَ أوليتُ الاهتمامَ مؤخراً بالنظام القضائي الأمريكي
بادئ ذي بدء :
النظام المتبع في الولايات المتحدة :هو نظامُ السوابق القضائية أو القانون المشترك (1)
تعيينُ القضاة :
تختلفُ التعيينات بينَ ولايةٍ وأخرى؛ البعض يتم تعيينه بقرار من الحاكم مباشرة كما هو الحال في ماساتشوستس , والبعض يعين بعد انتخاب مباشر من قبل الشعب المهم في الموضوع أنه يتم استخدام مزيج بين التعيينات والانتخابات , لكن بعد التعيين هناك فترة اختبار؛ يعين بعدها حاكم الولاية موعدا للتصويت على القاضي المعين وفي النهاية يحال الأمر برمته لتصويت المواطنين سواء للحفاظ على القاضي في منصبه أو لا.(2)
فوائد انتخاب القضاة مباشرة من قبل الشعب :
لقد أدركَ المُشرعُ الأمريكي أهميةَ الانتخابات القضائية العامة مبكراً , فأول انتخابات قضائية عامة بدأت في أواخر العام 1800 , معللاً ذلكَ بأنَّ قيامَ المواطنين بانتخابِ القضاةِ ممارسةً فعلية للديمقراطية , وتقليلاَ لدور السلطة التنفيذية في الشؤون القضائية , علماً أن المواطنين قادرون على الحصول على معلوماتٍ دقيقةٍ عن المرشحين القضائيين , من خلال الحملات الدعائية التي يقوم بها المرشحون , على أن المحكمة الدستورية العليا قضت بسقوط حق بعض القضاة بالتعيين على الرغم من نجاحهم, لتورطهم بقضايا فساد مالي في دعايتهم الانتخابية .
ثُمَّ إن بعض الولايات تفرض على القاضي قبيل الترشح تجاوز امتحان ما يسمى لجنة الجدارة merit commission ؛ تتكون هذه اللجنة من مجموعة من المحامين والقضاة والخبراء والممثلين المحليين في المجالسِ المحليةِ وبعض من أفراد هيئات المحلفين المنتخبين بدورهم للقيام بهذه المهمة ويتمتع أعضاء اللجنة بدرجة عالية من الكفاءة لتفسير القضايا المعقدة بحكم الخبرة والتعليم والتدريب ومن ثم توجيه أسئلة للشخص المرشح .
هذا الأمر يؤدي إلى اختيار أكثر استنارة على أساس الجدارة بدلا من باقي الاعتبارات ، ويمكن أن يحد من التحيز إلى حد كبير ....
تعيينُ المرأة في القضاء الأمريكي :
بدأ حق المرأة في الترشح في عام 1920 ، بناءاً على التعديل التاسع عشر للدستور (3)، تتخطى نسبة القاضيات النساء القضاة الرجال في بعض الولايات و هذا ليس بالغريب ، و لكن ما يجب أن نعلمه جيداً هو آلية اختيار النساء في القضاء الأمريكي ، حيث تطلب معظم الولايات للترشح إلى منصب القضاء أن تكون محامية في المقام الأول , و كلما زادت الخبرة كلما زادت فرصتها سواء بالانتخاب أو بالتعيين ، لذلك نجد أن القاضياتِ لا تِقلُ أعمارهن عن أربعين سنة و هو رقمٌ مهمٌ ؛ إذ إن المرأة في هذه المرحلة العمرية تكون قد مرت بمرحلة الزواج و الإنجاب ، كما أنها تكون قد مرت بمرحلة ما بعد الطمث ، و إن كان لها أبناء فإنهم لن يكونوا رضعاً بالطبع ولن تعتلي سُدّة الحكم لوضع الماكياج والحديث عن عيد الحب مثلاً ... وللحديث بقية
1 تعود التسمية إلى فترة الفتح النورماني لإنجلترا الذي بدأ عام 1066 م، حيث كان لكل منطقة ومقاطعة في إنجلترا قوانينها الخاصة المبنية على العرف، فأنشأ ملوك النورمان محاكم جديدة وألزموا القضاة بتطبيق قانون موحد (أي مشترك) لكافة الأقاليم الإنجليزية بناءً على مبدأ السوابق القضائية، فسميت المادة القانونية التي نشأت نتيجة لذلك بـ"القانون المشترك."
2 وفقا لمركز برينان فإن 39 من أصل 50 ولاية تعقد نوعا من الانتخابات القضائية عليه فإن نسبة الولايات التي تقوم بإجراء الانتخابات القضائية بشكل دوري تمثل ما نسبته 80 % من مجموع الولايات .
3 التعديل التاسع عشر في الدستور الأمريكي وقد وبموجبه تم منح النساء حق التصويت وبدء حقبة جديدة من حقوق المرأة. خلال هذا الوقت ، بدأت المرأة تولي المناصب القضائية ، سواء عن طريق التعيين أو الانتخاب .