مقدمة:
إن من وظائف الدولة الأساسية ( على اختلاف أنظمتها الدستورية والقانونية راعية كانت أم متدخلة ) إقامة العدل بين المتقاضين بصورة يتمكن معها كل ذي حق من الوصول إلى حقه ، فلا يجعل من نفسه حكما ً بينه وبين خصومه ، ولا يسعى إلى أخذ ما يدعي به لنفسه بيده حتى لا تكون الغلبة للقوة ولا تسري شريعة الغاب ، لذلك عنيت جميع دول العالم إلى جعل القضاء مؤسسة عدل وإنصاف وجعلت الأحكام القضائية هي عنوان الحقيقة والعدالة .
وكان من أهم ما يشغل بال الأنظمة والمشرعين هو مكافحة الجريمة بكافة أشكالها وأنواعها ، فالأمن في أي مجتمع إنساني هو العنصر الرئيسي للدولة المتحضرة التي تسعى بالنهوض نحو أفق الحضارة الإنسانية ، للوصول إلى مجتمع آمن مستقر اجتماعيا ً وإنسانيا ً.
ولما كان المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي مبرم ، ولما كانت المحاكمة لا تعني أبدا ً في نهاية الأمر إصدار حكم بالإدانة على المدعى عليه الذي قد يكون بريئا ً ، ولما كان حق الدفاع هو حق مقدس وهو من الحقوق الدستورية التي لا نقاش فيها ولا جدل .
مما أثار لدى المشرعين والفقهاء والحقوقيين سؤال في غاية الأهمية ؟؟؟؟؟
هل يحاكم المدعى عليه طليقا ً ؟ وبالتالي فقد يتعرض المجتمع للخطر إذا كان المدعى عليه مجرما ً بالفعل ، وبالتالي فإن بقاءه حرا ً طليقا ً أثناء محاكمته كان خطأ يعرض أمن المجتمع لخطر الجريمة مرة أخرى من ذات المجرم ، وخاصة إذا طال أمد المحاكمة ، أو قام بالهرب عن وجه العدالة.
أم يحاكم المدعى عليه حبيسا ً ؟ وبالتالي فقد يظهر في نهاية المحاكمة أنه بريء ، وبالتالي فإن حجز حريته طيلة فترة المحاكمة التي قد تطول كان أيضا ً خطأ فادحا ً ، لأن حرية الفرد من المسائل الجوهرية المقدسة في الشرائع السماوية والقوانين الوضعية .
مما حدا بالفكر القانوني إلى ابتكار حل وسط بين موضوع المحاكمة طليقا ً والمحاكمة حبيسا ً وهو التوقيف الاحتياطي (الاحترازي) ، وهو حجز حرية المدعى عليه فترة من الزمن ، قد تطول وقد تقصر يبقى خلالها المدعى عليه تحت يد القضاء .
ولــــكــــــن إلـــى مـــــتـــــــى ؟؟؟؟؟
فالحرية هي الأصل والتوقيف هو الاستثناء ، لذلك فقد سمح القانون للموقوف أو وكيله القانوني أن يتقدم للجهة القضائية بطلب يلتمس فيه إخلاء سبيله ، وهذا هو الموضوع المطروح للبحث تفصيليا ً في رسالتي العلمية القانونية هذه التي أتقدم بها للانتقال إلى جدول المحامين الأساتذة ونيل درجة الإجازة في مهنة المحاماة والتي أعشقها كثيرا ً وأعتبرها من أسما المهن وأرفعها شأنا ًسواء من الناحية العلمية أو الاجتماعية أو الإنسانية .
المحامي المتمرن
وائل فاروق عبد الغفور