الظلم والشرطة والفساد
تحت هذا العنوان اشرت الاسبوع الماضي الى بعض مظاهر الفساد والخلل في الاداء في العديد من القطاعات المهمة كقطاع العدل والتقاضي واستندت في هذا الجانب الى ماقاله السيد وزير العدل نفسه عندما اعترف انه من حق أي مواطن ان يصرخ في قاعة المحكمة.. ومعنى ذلك ان المواطن يكون قد تعرض لظلم واجحاف وغبن من قاض.. واستندت ايضا الى ماقاله السادة القضاة ورؤساء المحاكم والمحامون العامون عن الفساد في القضاة وقالوا ايضا ان العديد من القضاة مارسوا الفساد وتورطوا في اوحاله فغاصوا بها لكن ثمرة خوضهم في الاوحال كانت مالا وفيرا وثروات وظلما بينا لحق بأحد اطراف المتقاضين.. واشرت في تلك الزاوية ايضا الى الفساد المستشري في قطاع الشرطة وقلت انهم مدفوعون الى ذلك بحكم الحاجة وتلبية متطلبات الحياة التي لاتوفرها رواتبهم وأكدت ان الشرطة مظلومون فرواتبهم قليلة ومتطلبات الحياة نعرفها جميعا ورغم ذلك فهم لايطبق عليهم قانون العاملين الاساسي ولا نظام الترفيعات والعلاوات والتعويضات في وزارة الدفاع.. وطالبت ان تتم زيادة مرتبات الشرطة الى ثلاثة اضعاف وعندها يمكن ان نسرح اي شرطي يمد يده او ينحاز لأحد الطرفين المتخاصمين او يستغل وظيفته في ابتزاز الناس.. الخ. لكني لم أتوقع ردود الفعل التي اثارتها تلك الزاوية في قطاع صف ضباط وافراد الشرطة المدنية وشرطة المرور فقد تلقيت عشرات الاتصالات الهاتفية وزارني في المكتب عدة افراد من الشرطة شاكرين ممتنين وقالوا: لقد انصفتنا واعطيتنا حقنا.. فدوماً نهاجم في الاعلام والصحافة دون ان يحاول أحد الاشارة الى سبب الفساد ودون ان يكلف احد عناء الحديث عن الحل الجذري لهذه المشكلة.. لكن ما أثار انتباهي وادهشني الصراحة التي اعتمدها بعض من اتصلوا او زاروني وها أنا اثبتها كما سمعتها منهم:
- ان رفع العقوبة المالية لمخالفات السير فتحت الباب واسعا امام الشرطي ليضاعف حجم المبلغ الذي يتقاضاه من السائق المخالف كرشوة لقاء غض النظر وعدم تنظيم المخالفة.
- ان بعض المواقع داخل المدن التي يوجد فيها شرطي المرور يدفع عليها مبلغا معلوم يوميا لمعني في فرع المرور.
- أحدهم: أنا شرطي راتبي 7500 ليرة اعمل بعد انتهاء دوامي بائعا على بسطة خضار لم آخذ رشوة مرة من أي انسان إلا ومرض أحد أبنائي.
- أحد أفراد الشرطة: انا اعرف العديد من زملائي وتحت دافع الحاجة استمرؤوا مسألة الرشوة وتغييب الانظمة والقوانين فبعضهم يلقي القبض على سارق او لص او شبكة دعارة لكنه يطلق سراحهم دون ان ينظم ضبطا بالواقعة لقاء مبلغ من المال.
- أحد أفراد الشرطة قال: كنت اعمل في مديرية احدى النواحي وكان رئيس المخفر ومدير الناحية لديهم منهج عمل معين.. ملخصه ان كل من يدخل شاكيا الى الناحية يجب ان يدفع.. فيتم توقيف الطرفين في (النظارة) الى ان يأتي الاقرباء من كلا الطرفين ويدفعوا المعلوم ويتم تنظيم ضبط مصالحة واسقاط الحق بالادعاء.
- أعتقد انه لااحد يستطيع ان ينكر هذا الواقع خاصة اذا كان الحديث عنه صادرا عن الشرطة انفسهم.. لكني أعتقد في نفس الوقت ان هذا ليس مهما بل المهم ان نضع حدا حاسما ونهاية سعيدة لهذا الواقع ولاسبيل الى ذلك إلا برفع مرتبات الشرطة عدة أضعاف وإنصافهم وبالتالي تسريح كل من يحاول ان يحيد عن الطريق المستقيم.. وعلينا ألاننسى ان الشرطة هم من أهم دعائم استقرار المجتمع وأمنه.. وفي النهاية أقول: ان ماذكرته على لسان الشرطة لايستطيع اي من المعنيين الافصاح عنه في الاجتماعات الرسمية والعامة ولذلك أعتقد أني قدمت صورة واقعية حقيقية لصاحب القرار كانت خافية عنهم.
محمد الرفاعي
تشرين