وخزات قانونية... المحمول وحق الصورة والتصوير
الثورة
الاحد 2 /7/2006
المحامي منار هائل اليوسفي
انتشرت في أيامنا هذه عادة تتمثل بالتقاط الصور للأشخاص دون إرادتهم ودون الوقوف على رغباتهم وذلك بفضل الهواتف النقالة المزودة بكاميرات التصوير..
فعند جلوسنا في أحد المطاعم أو المقاهي نجد مجموعة من الشباب على سبيل المثال يلتقطون صوراً لبعضهم البعض ولايتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما يتطور ليقوم أحد الشباب خلسة بالتقاط صورة لفتاة تجلس مع صديقاتها على الطاولة المقابلة أو يقوم بتصويرهم جميعاً ومن ثم يبدأ بالضحك مع أصدقائه على الصورة التي التقطها والوضعية التي كانت عليها الفتاة المسكينة.
والسؤال الذي يفرض نفسه هل من حق هذه الفتاة أن تقاضي الشخص الذي قام بتصويرها.. وما موقف القانون من هذه المسألة?
>> المحامي منار هائل اليوسفي أجاب عن هذا السؤال بالقول: على الرغم من أن كلمة الحق كثيرة التردد في اللغة اليومية ولا يجد الشخص العادي صعوبة في الإحساس بمدلولها إلا أن هذه الفكرة في اللغة القانونية كانت مثار خلاف شديد بين الفقهاء..
فالقانون احترم الحياة الخاصة للأشخاص وعمل على حمايتها من اعتداء الآخرين لكن الصعوبة تنشأ في تحديد حدود هذه المساحة الخاصة حيث أن المشرع لم يعرفها, لذلك فإن مهمة هذا التحديد تقع على عاتق القضاء ليحدد ما يعتبر من الحياة الخاصة وما لا يعتبر وذلك بالتقابل مع وقائع الحياة العامة.
فهناك بعض الأمور التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة ليست محلاً للخلاف, كالحياة العائلية والحياة العاطفية وما يتعلق بالصحة وما إلى ذلك.. وعلى العكس تماماً يمكن أن يعتبر من قبيل الحياة العامة الحياة المهنية أو الحياة في الأماكن العامة أو الاتصال مع الناس.
هذه هي الخطوط العريضة للتفرقة بين الحياة الخاصة والحياة العامة لكن يقع على القاضي تطويعها حسب ظروف كل حالة من الحالات التي تعرض عليه.
إن صورة الشخص من الأمور التي تدخل في نطاق هذه الحياة الخاصة به وهو ما يسمى بحق الصورة, هذا الحق قد أقره القضاء في فرنسا منذ زمن طويل تجاه ناحية نشر الصورة فهناك اجماع في الفقه على اعتبار أن نشر الصورة يمكن أن يشكل خرقاً لسرية الحياة الخاصة مثل تلك الصورة المأخوذة بكاميرا الفيديو في شقة أو في منزل خاص بممثلة أو المأخوذة على ظهر قارب في البحر.. الخ
والحق في الصورة يغطي موضوعاً في منتهى الاتساع فهو يراعي الحالة التي يكون عليها الشخص لحظة التقاط صورته, فمجرد أخذ الصورة أو نشرها يشكل اعتداء على الحياة الخاصة.
> لكن ماذا عن الصورة المأخوذة لشخص خارج نطاق حياته الخاصة.?
>> هنا يستقل الحق في الصورة بحد ذاته عن الحق في احترام الحياة الخاصة وفي هذه الحدود يتجه ا لفقه إلى اعتباره حقاً خاصاً ومستقلاً من حقوق الشخصية أي نطاق حماية الحق في الصورة يمتد وراء نطاق الحياة الخاصة ليشمل الصور التي تؤخذ في أماكن عامة كالمقاهي والمطاعم, كما أن هذه الحماية يكون لها ما يبررها أكثر عند إعادة طبع الصور لاستخدامها في أهداف أخرى غير أخلاقية.
إذا إن حق الصورة من الحقوق الملازمة لشخصية الإنسان حيث جاء حرص المشرع السوري ليكرس حماية هذا الحق فنصت المادة 52 من القانون المدني السوري أن لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصيته أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما لحقه من ضرر.
وبالرجوع إلى الفتاة المسكينة في أول المقال تستطيع أن ترجع على من التقط صورتها بدعوى مدنية تلزمه بإزاله الصورة وإتلافها وأن تطالبه بتعويض مادي عما أصابها من ضرر.