لقد أوجدت الأنظمة الحديثة القانون كضابط لتسيير أمور حياتها وتنظيم العلاقة بين الأفراد درءا للمشاكل والفوضى وكإطار عام يكفل لجميع المواطنين العيش بظله آمنين وأوكلت تلك المجتمعات أمر حماية القانون إلى عدد من أفراد المجتمع أصطلح على تسميتهم بالشرطة
ومهمة الشرطة بالدرجة الأولى الحفاظ على النظام وقمع الجرائم والمخالفات وإحالة من يتم القبض عليهم إلى السلطة القضائية إذا هي الرديف الأساسي للقضاء في الحفاظ على السلم الاجتماعي .
ما نلاحظه اليوم هو ضعف الشعور بالمسؤولية القانونية عموما بسبب انتشار المحسوبية بشكل أو بآخر بحيث يرى مخالف القانون نفسه محميا بواسطة عدد من أصحاب النفوذ والنفوس الضعيفة الذين يغطون الأخطاء والمخالفات .. مقابل اعتبارات ومنافع معينة بحيث قد يجد المواطن الضعيف نفسه هو الوحيد الذي يطبق عليه القانون في حال ارتكب أدنى مخالفة أما إذا كان المواطن مدعوما فلن يسأل عما يفعل فذنبه مغفور والعتب مرفوع ( واللي مو عاجبو ينطح راسو بالحيط ) .
في حالات كثيرة قد تقع سرقة معينة فيذهب الشخص إلى المخفر أو غيره لتقديم شكوى فيفاجأ بعناصر المخفر يبتزونه مقابل بعض النقود وإذا لم يتم دفعها فعليه تحمل المماطلة والتسويف وهذا حال الأمر في حال حدوث حادث سير فترى منظمي الضبط يبتزون كلا الطرفين من اجل تعديل الضبط وتمويهه بعبارات مطاطة تخدم من يدفع أكثر
طبعا لا نستطيع أن ننكر دور أولئك الذين يعملون بإخلاص وتفاني لان دورنا هو كشف الخطأ والإشارة إليه وإلى المقصرين الذين يستغلون وظائفهم لتحقيق منافع شخصية بحتة مستغلين الحصانة التي أعطتهم إياها وظائفهم وقدرتهم على الحل والربط والاهم من كل ذلك خوف بعض المواطنين من الدخول في سين وجيم فمثلا كم واحد منا سمع أن شرطي ما قد صادر أحد الدراجات المهربة من صاحبها دون ضبط أو خلافه فيضطر المواطن إلى السكوت خوفا من التوقيف والغرامات فيضطر أن يرضى بأهون الشرين ليترك دراجته تباع أمام عينيه دون أن يجرأ على التلفظ بكلمة !!
هذا عدا عن الضرب الذي يلجأ إليه الشرطي أثناء الاستجواب بحيث يجد المواطن نفسه أشبه بكيس الرمل الذي يتدرب عليه الملاكمين وقد تتم عملية الضرب أمام مرأى الناس للبتجح والتهويل كما يحدث عندما تقوم بعض الدوريات بمكافحة إشغال الأرصفة من قبل بعض الباعة الذين لا يملكون ثمن محل صغير يسترهم فبالنسبة للبعض إن منظر الأرصفة الخالية أمام السواح هو أفضل بكثير من جوع الفقراء وعريهم .
يوم الأربعاء في العشرين من هذا الشهر وبالقرب من سوق الهال في طرطوس على الأوتوستراد كان سائق جرار إحدى البلديات محملا بالقمامة يسير بجراره مخالفا بوجهة السير معرضا حياة الناس للخطر وهو بدون شك مذنب ويستحق العقوبة القانونية ولكن أن ينهال عليه الشرطي بالضرب فذلك غير مقبول وإلى اللحظة لا اعرف إن كان نظم الضبط اللازم أم لا مع توقعي أنه لم ينظم الضبط وان الأمر برمته تم تقطيعه بكفين وببعض من الإكرامية وإذا كان السائق قد اخطأ فالشرطي قد أخطا عندما قام بضربه وإهانته بدلا من إتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة وحال الأمر هنا كحاله مع شرطي المرور الذي يمكن معالجة أي مخالفة مهما كانت درجة خطورتها بخمسة وعشرين ليرة سورية تذهب لجيبه وليذهب قانون السير إلى غرفة الإنعاش . أحيانا أتمنى أن يكون السيد علي سعد وزير التربية وزيرا للداخلية عّله ينجح في تطبيق منع الضرب في المخافر على غرار ما فعل بالمدارس ويبقى التهاون بالقانون هو المرض الأخطر الذي يصيب المجتمع والدواء موجود عند كل واحد منا ألا وهو احترام القانون وتطبيقه بشكل عادل على الجميع دون استثناء .