سلطة رئيس مجلس الوزراء في اختيار الوزراء
تتوقف طريقة تعيين الوزير وإعفائه من منصبه تبعاً للنظام السياسي القائم، ففي النظام البرلماني الذي يقوم على تعدد الأحزاب، يتولى زعيم الأغلبية البرلمانية اختيار زملائه من الوزراء، أما في النظام الرئاسي فرئيس الجمهورية هو الذي يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم.
وتطبيقاً للأصول البرلمانية فإن الواجب الأول على رئيس مجلس الوزراء هو اختيار أعضاء الوزارة، بعد تكليفه بتشكيلها من جانب رئيس الدولة، وإذا كان رئيس الدولة في النظام البرلماني هو الذي يصدر قرار تعيين الوزراء، إلا أن رئيس مجلس الوزراء هو الذي يختارهم في الواقع، إذ إن سلطة رئيس الدولة هي سلطة شكلية، أما سلطة رئيس مجلس الوزراء فهي سلطة حقيقية، وفكرة إعطاء رئيس مجلس الوزراء سلطة اختيار الوزراء متأتية من أنه هو الذي سيتعامل معهم، وبهم يحوز ثقة البرلمان فمن الطبيعي إذن أن يكون حراً في الاختيار.
وعلى هذا الأساس ليس لرئيس الدولة أن يفرض على رئيس مجلس الوزراء وزيراً معيناً أو يرفض إدخال وزير معين، والقول بغير ذلك يؤدي إلى انسحاب رئيس مجلس الوزراء المختار من مهمة تأليف الوزارة أو يقبل غير راغب بما فرض عليه فتأتي وزارته غير متجانسة.
إلا أن ذلك لا يعني انعدام دور رئيس الدولة، فهو يستطيع أن يبدي ملاحظاته حول الوزراء المقترح تعيينهم، ويستطيع أن يقترح على رئيس مجلس الوزراء المختار إدخال وزير معين أو اقتراح إبعاد وزير آخر إلا أنه ينبغي أن يقدمه في صورة مشورة ودون إصرار من قبله على تنفيذ اقتراحه، حيث يجب عليه ترك القرار النهائي لرئيس مجلس الوزراء فدور رئيس الدولة إذن لا يتعدى إظهار الرغبة، التي قد يقتنع بها رئيس مجلس الوزراء أو يرفضه، وإذا قام رئيس الدولة بتعيين أي وزير حتى لو كان وزير بلا وزارة أو رئيس الديوان الملكي في الأنظمة الملكية أو رئيس ديوان رئيس الجمهورية في الأنظمة الجمهورية بإرادته المنفردة دون الرجوع إلى رئيس مجلس الوزراء لمشورته كان التعيين باطلاً ويتحتم على البرلمان أن يسقط هذا الوزير بعدم منحه الثقة، ويلاحظ أنه بتطور النظام البرلماني كف رئيس الدولة حتى عن تقديم مشورته في تعيين الوزارة.
وبالتالي يجب أن يتمتع رئيس مجلس الوزراء بقدر كبير من الحرية والاستقلال عند اتخاذ قرارات بشأن تعيين زملائه الوزراء ليتمكن من اختيار أكفأ العناصر لتولي الحكم فوزارة المالية والحربية والخارجية مثلاً تستدعي كفاءات فنية خاصة. فإذا قيدت حرية رئيس مجلس الوزراء في اختيار الوزراء تكون النتيجة عدم تمكنه من تعيين أكفأ العناصر ممن يراهم لهذا المنصب ، ولتحقيق التجانس والانسجام بين أعضاء الوزارة فرئيس مجلس الوزراء لا يرشح للتعيين للمراكز الوزارية إلا من يرى أنه يمكنه التعاون معهم بدون اختلاف أو تصادم مستمر قد يؤدي إلى تعطيل الأعمال، فرئيس مجلس الوزراء هو المسؤول عن هذا الاختيار أمام البرلمان، ومن الواجب على رئيس مجلس الوزراء أن يختار لكل وزارة وزيراً واحداً، وقد يحدث أن يتولى الوزير أكثر من وزارة، كما أن رئيس مجلس الوزراء قد يتولى بالإضافة إلى عمله وزارة أو أكثر.
ولكن من الضروري ألا يسند لرئيس مجلس الوزراء أي منصب وزاري وأن يقتصر عمله على رئاسة مجلس الوزراء، والتفرغ لمواجهة ضخامة مهام الرئيس، فالعمل الوزاري يتطلب اهتماماً خاصاً وجهوداً متواصلة، ولا يمكن لرئيس مجلس الوزراء المسؤول عن سياسة الحكومة العامة أن يسيرها على الوجه الأكمل إلا إذا كان متفرغاً لأعمال الرئاسة فقط. ولذلك فإن دساتير بعض الدول قد نصت على حظر الجمع بين الرئاسة والوزارة.
ورغم أن لرئيس مجلس الوزراء الحرية في اختياره لوزارته إلا أنه يعتمد في اختياره لهم على أسس وضوابط، أهمها ما يلي: القدرة والكفاءة على القيام بأعمال الوزارة، بجانب ذلك إمكانية التعاون معهم في رسم السياسة العامة للدولة وتحمل المسؤولية عنها.