1
بداية لابد من التسليم أنه في مثل هذا النوع من الأسئلة لابد من الاطلاع على العقد حتى تكون الإجابة دقيقة .
و لكن وفق ما أراه من هذا السؤال أنه لا مجال لتطبيق نص المادة 629 مدني على هذه الحالة ، لأن عقد المقاولة لا يسري عليه فهو حسب تعريفه :
(( المقاولة عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر )) 612 مدني .
و قد ضرب الدكتور محمد كامل مرسي - أحد أعضاء اللجنة التي وضعت القانون المدني مع السنهوري – في كتابه العقود المسماة ج4 - فقرة 567 - عدة أمثلة عليه منها :
أن يتعهد شخص ببناء منزل ، أو صنع أثاث ، أو حياكة ثوب ، أو إحضار فرقة مسرحية .
و أشار المؤلف في الفقرة 636 من الكتاب أنه :
(( يجب على رب العمل الذي يتحلل من هذا العقد أن يدفع للمقاول جميع ما أنفقه من مصروفات و أن يعوضه عما أنجز من الأعمال ، و عن الكسب الذي كان يستطيع الحصول عليه لو أنه أتم العمل )) .
و في معرض التعريف بعقد المقاولة ، ولآثار إقالة العقد من جانب واحد كما ذكر أعلاه يجب الانتباه لكلمتين هما :
( لقاء أجر ) و ( رب العمل ) .
و أن نلاحظ الخلاف الكبير الذي وقع بين الفقهاء الفرنسيين لجهة التفريق بين عقد العمل و عقد المقاولة ، هذا الخلاف الذي منع المشرع الفرنسي من وضع تعريف لعقد المقاولة ، خلافاً للمشرع المصري و السوري من بعده ، و قد شرح الدكتور مرسي هذا الخلاف بالتفصيل في كتابه المذكور .
بمعنى أن التشابه الكبير بين عقد العمل و عقد المقاولة و الذي لا مجال لذكره هنا ، هو الذي دفع المشرع لوضع نص المادة 629 المذكورة التي تبيح إقالة العقد من جانب واحد خلافاً للقواعد العامة .
و ما يؤيد هذا الرأي كلمة لرب العمل التي وردت بمطلع المادة 629 مدني ، فضلاً عن أن أحكام عقد المقاولة وردت في الباب الثالث من القانون المدني المتعلق بـ ( العقود الواردة على العمل ) .
في حين أن السؤال هنا ورد بصيغة ( عقد بناء بالحصة ) و يجب الانتباه لكلمة ( الحصة )و ما المقصود منها ؟ .
حيث أنه يستشف من السؤال أن أحد أطراف العقد قدم عقاره لمتعهد لبنائه مقابل ( حصة ) لم يذكرها السائل ، و هذا يعني أن العقد المبرم بينهما عبارة عن عقد شراكة و ليس مقاولة ، و يجب أن يخضع بالتالي لأحكام المادة 473 و ما بعدها من القانون المدني ، و لا مجال هنا لتطبيق المادة 629 .
أي أن إقالة هذا العقد لابد له من توافق إرادة أطرافه على ذلك ، حسب القاعدة المعروفة :
(( العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه و لا تعديله إلاّ باتفاق الطرفين ...)) 148/1 مدني .
أو إقامة دعوى الفسخ حسب القواعد العامة المعروفة .
-------------------------------------
2
أما لجهة القول بأن هذا العقد يجب تثبيته لدى الكاتب بالعدل أو بالقضاء ، فلا سند لذلك بالقانون ، لأن المشرع نص صراحة و على سبيل الحصر ما هي العقود التي يجب أن تثبت بسند رسمي لتكتسب قوتها ، كعقد الهبة ، و عقود الشركات ذات الشخصية الاعتبارية مثلاً ، و ليس منها هذا العقد .
فضلاً عن ذلك لايشترط التخاصص بين الشركاء عند إبرام الشراكة ( و إن كان هذا الأسلم ) إذ يمكن أن يتم التخاصص فيما بعد بين الشركاء رضاءً ، أو قضاءً بواسطة الخبرة و العرف المحلي السائد إذا اختلف الشركاء .