منتدى محامي سوريا

العودة   منتدى محامي سوريا > المنتدى الفقهي > أبحاث قانونية مختارة > أبحاث في حقوق الإنسان

إضافة رد
المشاهدات 4654 التعليقات 2
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-09-2011, 12:52 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المحامي متروك صيموعة
إحصائية العضو






آخر مواضيعي



افتراضي الاستبداد الديمقراطي ...! (1)

الاستبداد الديمقراطي ...! (1)

يثير الاستفتاء الشعبي الذي يجري عادة في العديد من البلدان , وينصب غالباً على عملية انتخاب رؤساء الجمهوريات , بإضفاء المشروعية الشعبية على عملية تبوئهم للسلطة غالباً بطريق الاستيلاء , تساؤلات كثيرة حول علاقة هذا الإجراء بالديمقراطية وحق الانتخاب والحريات السياسية والدستورية عموماً, ومدى ما يعكس من حرية في الاختيار والتعبير عن الإرادة , ومقدار القسر والإكراه الذي يرافقه ,وهل هو معبر حقيقي عن إرادة شعبية وما إلى ذلك من تساؤلات .
وتنطلق فكرة الاستفتاء الشعبي الذي يوصف في الأدبيات الدستورية بـ :"الديمقراطية المباشرة" من كون الشعب في النظم الديمقراطية هو مصدر السلطات , وبالتالي يمكن العودة إليه في القضايا الطارئة أو المستجدة ذات الأهمية الكبيرة أو المصيرية , أو في كل خلاف تعجز السلطتين التنفيذية والتشريعية عن الاتفاق على حله .
فقد امتد الصراع بين السلطة والمجتمع على الحقوق والواجبات , وعلى شكل وطبيعة النظام السياسي المناسب ــ ذلك النظام ومؤيداته القانونية الذي يحد من تصرفات الأفراد خارج نطاق القانون الناظم لعلاقة الأفراد بعضهم ببعض أولاً , وعلاقتهم بالسلطة السياسية ثانياً , بما يمنع تمدد السلطة وتجاوزها على حقوق الأفراد وحرياتهم , ويمنع تجاوز الأفراد للموجبات والمحددات المقررة في القانون ــ نقول امتد هذا الصراع قروناً طويلة , قبل أن تستقر العلاقة وتتكرس في دستور ينظمها ويحدد الأدوار والسلطات وطرائق تشكيلها وصلاحياتها وطرق ممارستها لهذه الصلاحيات وحدودها ومؤيداتها .
فقد نشأت الدساتير تاريخياً لتقنين هذه العلاقة والحد من طغيان السلطة , فكثيراً ما استخدم الحكام الدساتير التي وضعتها الشعوب , استخدموها لغايات غير مشروعة , وتتعارض مع موجبات وقواعد الدستور ومضامينه , حيث أضاف التطور الدستوري قواعد وأحكاماً تحدد ما يجب أن تكون عليه قرارات الحكام وماهيتها وحدودها , وهذه المبادئ لا تقرر سلطة مضافة إلى السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية القائمة , ولا بياناً بإجراءات نفاذها , إنها تفعل ما هو فوق هذا كله , إنها تحدد الغايات التي يجب على من يتولى السلطة أن يستهدفها وهو يمارس سلطاته المقررة في المجالات الأخرى , ومن هنا فإن شرعية تصرفات الحكام لم تعد متوقفة على مجرد توفر الشروط الشكلية , مثل صدورها عن مختص في حدود اختصاصه , بل أضيف إليها شروطاً أخرى , كأن تكون متفقة ومؤدية إلى الغايات والأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عينها الدستور , وكان هذا التحديد للحقوق والواجبات في حدود الدستور والقانون والسلطات والأدوار التي تقوم بها وطرق ممارستها , بداية مهدت لقيام النظم الديمقراطية .
وقبل أن ينقضي القرن التاسع عشر , كانت النظرة إلى النظم الديمقراطية وطابعها الديمقراطي لا يعكسه الوجه الحكومي , بل ما يتمتع به الشعب من مقدرة على التعبير عن إرادته فيما أصبح يعرف بــ " الرأي العام " , الذي تجسد في مجموعة من الأطر والمؤسسات غير الحكومية بحيث لا يمكن أن يكون هناك ديمقراطية دون هذه الأشكال من الأنشطة والمؤسسات مهما كان الشكل الحكومي ومسمياته , حيث حدد فقهاء القانون الدستوري عناصر الرأي العام بــ : حرية التعبير , وحرية الاجتماع , وحرية الصحافة , وحرية تشكيل المنظمات والهيئات الأهلية .
مع التنويه هنا إلى أن حرية التعبير المقصودة , هي حرية التعبير خارج البرلمانات وحرية الاجتماع خارج مجالس الوزراء واللجان الإدارية بغير دعوة أو تكليف من أي سلطة حكومية , وحرية الصحافة بإصدار الصحف غير الحكومية , فالديمقراطية الحقيقية هي التي تقوم خارج مؤسسات الدولة حيث يوجد الشعب , وقد تطور الأمر بعد ذلك ليستقر على أن " لا ديمقراطية دون معارضة " ولا معارضة دون أحزاب سياسية .
والمعارضة هنا مستويان : معارضة داخل البرلمان , يمثلها النواب الذين لا يشتركون في الحكومة , وتحاول أن تعبر عن الرأي الآخر أو رأي الشعب في مواجهة الحكومة .
والمعارضة من خارج البرلمان وتجسدها الأحزاب التي هي خارج البرلمان والحكومة ولا تقبل رأي الحكومة وتعارض سياستها وبرامجها .
أما علاقة الأحزاب بالديمقراطية فتتأتى من كون الأحزاب منظمات شعبية , فهي ليست أجزاء من الحكم القائم , , أي حكم , فإذا ما تولى حزب ما الحكم أصبح حكومة , ولا تعتبر الحكومة ديمقراطية لمجرد أنها حكومة حزب بدل أن تكون حكومة فرد , والواقع أن مجرد أن تكون الحكومة حكومة حزب لا يعني شيئاً ذي دلالة , خاصة بالنسبة إلى الديمقراطية , بل قد تكون تعبيراً عن استبداد الحزب بالحكم دون الشعب , ما يعني أن الأحزاب المقصودة بمقولة " لا ديمقراطية من دون أحزاب سياسية " هي تلك الأحزاب التي تكون خارج السلطة وهي بالقطع غير الحزب الحاكم .
وهذا يعني أن الممارسات الديمقراطية يجب أن تتم خارج نطاق ولاية الحكم ومؤسسات النظام الحاكم , فالاقتراع وحريات التعبير والاجتماع والصحافة يجب أن تتم من خارج النظام , وكذلك الرأي العام , فبقدر ما تنشط المنظمات الشعبية من خارج أطر النظام القائم يقترب الحكم من صفة الديمقراطية .
طبعاً من الإشارة إلى البون الشاسع بين أنظمة الحكم التي تتأسس على ما يسمى بالعقد الاجتماعي , وبين السلطات الفعلية التي تستأثر بالحكم نتيجة عن غير الطرق الدستورية :
الأولى : تستخدم الاستفتاء للحصول على الشرعية أو محاولة إيجادها أو الإيهام بوجودها ولتكريس الهيمنة على السلطة بإضفاء شرعية شعبية عليها .
الثانية : تستخدم الاستفتاء للفصل في مسائل مصيرية كالمعاهدات وحق تقرير المصير وغير ذلك من قضايا .
وقد عرف الاستفتاء الشعبي كأسلوب ديمقراطي أول ما عرف في التقاليد القديمة لنظم الحكم في المقاطعات السويسرية ,( الاستفتاءات التشريعية عام 1874 , وحق المبادرة الدستورية 1891 , والاستفتاء لإقرار المعاهدات الدولية عام 1920 , وإقامة كانتون جديد عام 1974 في منطقة الجورا ) .
لكن أهمية الاستفتاء الشعبي بدأت في الظهور بعد الحرب العالمية الأولى في دول وسط أوروبة , فبدلاً من أن يكون الاستفتاء الشعبي منظماً احتياطياً لنشاط النظام النيابي , أو عاملاً ثانوياً بجواره , أدخل في صلب النظام في الدستور , وأصبح فيه الضابط الرئيس إن لم يكن ضابطاً موازياً للتمثيل النيابي .
والاستفتاء الشعبي أسلوب بسيط ومن مرحلة واحدة , حيث يطرح على المواطنين سؤال محدد ويطلب منهم الإجابة عليه بـ " نعم " أم " لا" وهذا الأسلوب قد يكون معبراً عن إرادة حقيقية في العديد من المسائل , لكنه لا يصلح لاختيار رئيس للجمهورية , فالانتخاب هو وسيلة يقوم الشعب من خلالها باختيار أحد البدائل المعروضة عليه من عدة أشخاص للمفاضلة بينهم , وهذا لا يستقيم مع انتخاب رئيس جمهورية إلا في الدول ذات النظام الشمولي , التي تحصر الترشيح إلى الرئاسة بشخص واحد , غالباً ما يكون حزبياً أو عسكرياً , مما يجعل هذه الوسيلة في مثل هذه الأحوال عرضة للتلاعب والنتيجة تكون تحصيلاً للحاصل .
فقد استخدم الاستفتاء الشعبي كثيراً في النظم الشمولية , في سبيل تمرير قرارات سياسية خارج المؤسسات الدستورية , التي تكون غالباً واجهية , وفي أحيان أخرى على النقيض من الإرادة الشعبية ووفق شروط وآليات تجعل نتائجه مضمونة وفق رغبة ومشيئة السلطات القائمة : ففي أول استفتاء شعبي في فرنسا عام / 1793 / كانت نسبة من قالوا "نعم " فيه / 99,99 / في المائة , ولم تقلّ هذه النسبة في فرنسا عن / 99 / في المائة خلال خمسة استفتاءات جرت في نصف قرن ( 1800 دستور نابليون ــ 1802 نابليون قنصلاً مدى الحياة ــ 1804 نابليون إمبراطور ــ 1850 تفويض لويس نابليون في وضع دستور 1852 لويس نابليون إمبراطوراً ) .مع الإشارة إلى أن الرئيس الفرنسي ديغول رفض الاستمرار بالحكم بعد حصوله على نسبة 51% من أصوات الناخبين وقال : أنا لا أحكم فرنسا بهذه النسبة , رغم أنه محرراً للبلاد
لمرتين متواليتين .
وفي إسبانيا طرح الجنرال فرانكو عام / 1966 / قانون الوراثة من بعده على الاستفتاء الشعبي يوم أصبحت إسبانيا ملكية دون ملك حيث أنشئ ما سمي ( مجلس المملكة) , فأسفر عن أن عدد الذين قالوا " نعم " في الاستفتاء كانوا أكثر من عدد المسجلين في جداول الاقتراع .
وفي مصر كانت نتيجة الاستفتاء بنعم على بيان 30 مارس عام 1968 / 99,95 / في المائة , وعلى ورقة أكتوبر عام / 1974 / 99,95 / في المائة , وكانت نسبة الاستفتاء بنعم على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية / عام 1979 / 99,90 / في المائة . فهل يعكس الاستفتاء الشعبي حقيقة إرادة الناخبين وتوجهاتهم ..؟ وهل يمكن الركون إليه في حسم التوجهات الكبرى والمصيرية ..؟ والمعروف أن التطبيع الشعبي مع"إسرائيل" لم يحصل في مصر حتى الآن رغم أن نتائج الاستفتاء المعلنة على معاهدة السلام كانت / 99%..!
وفي سورية جرت عدة استفتاءات على التجديد لرئيس الجمهورية كانت النتيجة بنسبة لا تقل عن هذه النسب أيضاً .
لقد تحول الاستفتاء الشعبي في كثير من الحالات إلى أداة لمخالفة الدستور , وإلغاء دور المؤسسات الدستورية إن وجدت , والافتئات على حريات العقيدة والرأي والتعبير والاجتماع والصحافة , كما تم استخدام الاستفتاء كستار لتغطية القرارات الفردية , أو التي تعبر عن إرادة فرد أو أقلية , ويقول الدكتور عصمت سيف الدولة في التمييز بين أن يكون القرار استبدادياً أم لا , هو ثلاثة أمور :
ـــ أن يكون معبراً عن إرادة فرد أو أقلية . ( إلغاء التعدد ) .
ـــ أن يكون متضمناً استئثار فرد أو أقلية بالإمكانات المتاحة في المجتمع . ( إلغاء المجتمع )
ـــ أن تفرض القرارات الفردية على الشعب بالإكراه .
وقد اتفق فقهاء القانون الدستوري على أن الاستفتاء الشعبي يكون غطاء للاستبداد في ثلاث حالات :
1 ــ أن يتم على قضية محرمة دستورياً .
2 ــ أن يتم على قضية تخالف نصاً دستورياً .
3 ــ أن يتم على قضية لا تتفق مع المبادئ الأساسية التي نص عليها الدستور , وبهذا يتحول الاستفتاء الشعبي من كونه شكل من أشكال ممارسة الديمقراطية , إلى أسلوب لفرض الاستبداد وتكريسه وتعميمه باسم الديمقراطية , وهو أخطر أنواع الاستبداد , ففيه ومن خلاله تخسر الشعوب كل ما تحصلت عليه من مكاسب , وترتد إلى أكثر مراحل الاستبداد تخلفاً , وهو استبداد "المتألهين" وتترك في طريق ردتها هذه , كل ما كانت تعلمته وتوافرت عليه من مبادئ المساواة والحرية وسيادة القانون والديمقراطية النيابية , وكذلك الأمل في ديمقراطية حقيقية , دون أن تتلقى صدمة الاستبداد التي تنبهها إلى أنها , وهي تحاول أن تمتلك كامل إرادتها من خلال الاستفتاء الشعبي , تخسر حريتها بالاستفتاء الشعبي ذاته ـــ وصدمة الاستبداد هذه أشبه ما تكون برسالة الألم التي يرسلها العضو المصاب في الجسم , طلباً للنجدة , وهي نعمة لولاها لتعرض ذلك العضو للتلف دون هذه الاستغاثة الداعية للتدخل والإنقاذ ـــ وليس ثمة من خطر على حريات الشعوب أشد فتكاً من الاستبداد بها بأسلوب لا شك في "ديمقراطيته" , نعم , ليس ثمة خطر على حريات الشعـوب أشد فتكاً من الاستبداد الديمقراطي .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) ــ اعتمدت هذه الدراسة القصيرة ملخص كتاب الدكتور عصمت سيف الدولة
الذي اقتبس منه هذا العنوان , وعلى كتاب : القانون الدستوري والنظم السياسية
للدكتور كمال الغالي ( مقرر جامعي ) منشورات جامعة دمشق , وعلـــى
كتاب الدكتور محمد طي : القانون الدستوري والمؤسسات السياسية , طبعة
عام 1994. بتصرف يسير .







رد مع اقتباس
قديم 01-10-2011, 11:51 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
د جمال سواس
عضو مساهم نشيط جدا

الصورة الرمزية د جمال سواس

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


د جمال سواس غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الاستبداد الديمقراطي ...! (1)

تعجبني هذه التسميات الاستبداد الديموقراطي الثلج الناري الليل النهاري الصعود الى الهاوية...والجرار على الحبل







رد مع اقتباس
قديم 02-10-2011, 06:03 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المحامي متروك صيموعة
إحصائية العضو






آخر مواضيعي



افتراضي رد: الاستبداد الديمقراطي ...! (1)

لماذا تجاوزت على ( السقوط إلى أعلى ) مع التحية دكتور جمال







رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
العالم العربي.. المعتقل الاستبدادي الكبير نبيل شبيب حوار مفتوح 4 04-02-2011 11:05 PM
عيون العرب وفوز الديمقراطي اوباما المحامية أميمة ادريس حوار مفتوح 0 05-11-2008 01:12 PM
الرغيف الديمقراطي (إحلم فقط .. لا تشم ولا تذوق) عمر الفاروق حوار مفتوح 3 08-02-2007 02:07 PM
حقوق الإنسان والإصلاح الديمقراطي د. طيب تيزيني سوريا يا حبيبتي 0 03-02-2006 07:52 PM


الساعة الآن 05:02 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Nahel
يسمح بالاقتباس مع ذكر المصدر>>>جميع المواضيع والردود والتعليقات تعبر عن رأي كاتيبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى أو الموقع