الاستغلال الجنسي للمرأة صورة من صور جرائم الاتجار بالأشخاص
اعتبر المشرع السوري في مرسوم منع الاتجار بالأشخاص رقم 3 لعام 2010 أن الاستغلال الجنسي للمرأة هو أحد صور الاتجار بالأشخاص عندما يكون هذا الاستغلال ناجم عن جهل المرأة أو ضعفها أو ناجم عن استعمال القوة أو التهديد باستعمالها أو اللجوء للعنف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال المركز الوظيفي أو التواطؤ أو تقديم مساعدة ممن له سلطة عليها ولو بإقناعها .. المادة (4) الفقرة (2) من المرسوم .
وذهب المشرع السوري أبعد من ذلك في الفقرة (3) من نفس المادة عندما ابعد الصفة الجرمية عن المرأة المستغلة جنسيا ولم يعتبرها متهمة أو مذنبة ولو مارست بموافقتها البغاء أو الدعارة أو الأفعال المماثلة الأخرى, وإنما اعتبرها ضحية تحتاج إلى كافة أنواع الرعاية والمساعدة الاجتماعية والصحية والنفسية والقانونية طالما أنها ارتكبت هذه الأفعال مرغمة نتيجة استغلال الغير لظروفها ونتيجة إرادتها المقيدة, وقد أحدث المشرع السوري من اجل هذه الرعاية مأويين اجتماعيين في دمشق وحلب لاستقبال ورعاية هؤلاء الضحايا .
ولعل من ابرز مظاهر الاستغلال الجنسي للمرأة هو استغلال ظروف العاملات والخادمات القادمات عن طريق مكاتب التشغيل أو اللاجئين العراقيين الذين دعتهم ظروفهم القاسية إلى النزوح إلى سورية فشكلت هذه الظروف من فقر وغربة وضعف وجهل بالقوانين أو الجهل باللغة السورية مناخ ملائم لاستغلالهم من قبل أصحاب النفوس الضعيفة بالوسائل المذكورة سابقا لاستخدامهم في ممارسة الدعارة أو أعمال البغاء أو أية أعمال أخرى مشابهة بهدف تحقيق مكاسب مادية أو معنوية أو أية مكاسب أخرى .
وهنا لابد من الوقوف للتفريق بين الدعارة وفق ما نص عليه قانون العقوبات السوري من جهة, وما نص عليه قانون منع الاتجار بالأشخاص من جهة أخرى .
فالدعارة كما جاء في قانون العقوبات السوري عمل رضائي ترتكبه الداعرة بإرادة حرة وغير مقيدة ولا تتحقق فيه أركان فعل الاتجار من حيث الإكراه والاستغلال والخداع.
وينظر قانون العقوبات إلى الداعرة على أنها مجرمة تستحق العقاب في حين ينظر قانون الاتجار إليها على أنها ضحية تحتاج إلى رعاية.
واعتبر قانون العقوبات الدعارة جنحة وعاقب المرأة الداعرة بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات في حين لم يعاقب الرجل الذي يضبط مع الداعرة في حال ثبت دفعه للمال (وهذا محل انتقاد) أما عقوبة من يسهل الدعارة (القواد) فهي الحبس حتى 3 سنوات وتشدد عقوبته إلى 7 سنوات في حال كان الأب أو الشقيق أو الزوج.
أما قانون الاتجار بالأشخاص فلم يعاقب الداعرة إذا ثبت أنها ضحية وأنها استغلت جنسيا وإنما عاقب من استغلها واعتبره مرتكبا لجرم جنائي الوصف عقوبته الاعتقال من 7 سنوات إلى 15 سنة والغرامة من مليون إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية .