بعد أن أصبحت سيارتي الصغيرة ذات المنشأ الشرقي عاجزة عن استيعابي أنا وعائلتي ، وبعد أن ضاعفت شوارعنا النفيسة ووقودنا الأنفس من سنوات عمرها الثلاث عدة أضعاف ، اتخذت قراري المصيري بشراء سيارة جديدة من نوع أفضل علها تخدمني أكثر من السيارة الحالية ...
وبعد صولات وجولات بين الوكالات والتجار ، وبعد سؤال من يفهمون في مثل هذه الأمور ، حزمت أمري وقررت شراء تلك السيارة اليابانية من فئة 1600 طبعاً من عند التاجر إياه ...
ولن أقول لكم الآن أن الزيادة الرشيدة لضريبة رفاهية السيارة امتصت معظم التخفيض الذي حصل لجماركها لأنكم تعرفون ذلك جيداً ...
ولكنني سأقول لكم أن السادة تجار السيارات الأكارم في بلدنا يقدمون لنا خدمات جليلة وتسهيلات مغرية قلما تجد مثيلاً لها في أكثر دول العالم تقدماً ، وأسرد منها على سبيل المثال :
- وجود تشكيلة واسعة من التجهيزات الإضافية لطراز السيارة الذي تختاره ، وبالتالي يكون عدد الخيارات التي أمامك يتراوح بين واحد واثنين كحد أقصى . ولا فرصة لديك لحذف التجهيزات التي لا ترغب بها في محاولة يائسة منك لتخفيض سعر السيارة ، أو لإضافة تجهيز تراه ضرورياً وغير متوفر في السيارة .
- وجود تشكيلة واسعة من الألوان الخارجية للسيارة تبلغ في حدها الأقصى أربعة ، اثنان منها لن يناسبانك حتماً ، والاثنان الآخران ستجد عشر سيارات من نفس الطراز واللون مركونة في الشارع الذي تسكن فيه ...
- وجود تشكيلة أوسع من الألوان الداخلية للسيارة .. وهنا تنحصر الاحتمالات لديك بخيار وحيد .
- تسهيلات مذهلة في الدفع ، فلتحصل على سيارة يابانية ذات أربع أسطوانات بحجم فوق 1600 ادفع مليون ومائتي ألف ليرة سلفة ، والقسط الشهري مائة وعشرة ألاف ليرة لمدة سنة ، واستلم سيارتك فوراً ( ملاحظة : سعر نفس السيارة في الأسواق المجاورة أقل من مليون ليرة نقداً !!! ) .
- سرعة شديدة في تسليم السيارة للزبون ، فاعتباراً من تاريخ دفع الزبون لدم قلبه كسلفة للسيارة الجديدة وخلال مدة لا تتجاوز الـ 45 يوم يكون الزبون قد استلم سيارته مع لوحات المرور المؤقتة ، والحجج هنا التي تبرر هذا التأخير لا تنتهي أولها تأخر وصول السيارة في الشحن ، وليس آخرها عدم توفر لوحات مرور مؤقتة في دائرة المواصلات العتيدة !!.
وعندما حملت ثروتي الصغيرة لأدفعها كسلفة للسيارة الجديدة ، وتوجهت إلى تاجر السيارات إياه لأعرف عندها لماذا أسعار السيارات بقيت وستبقى مرتفعة ... لأن الطلب يفوق العرض بكثير.. ومعظم السيارات تباع قبل وصولها إلى المنطقة الحرة ..
وقد كان أن دفعت عربون السيارة ، وبما أن السيارة وصلت بالصدفة اليوم إلى المنطقة الحرة حصلت على وعد أن " نركب " قبل عيد الفطر الذي ما زالت أمامه عشرة أيام.
ولكن الاستلام تأخر كالعادة ، طبعاً بسبب عدم وجود لوحات مرور لدى مواصلات حلب التي يفترض أن تخدم مليوني مواطن حلبي .. وهكذا تبرع التاجر إياه بإرسال مندوبه السامي إلى العاصمة لإحضار لوحات مرور من هناك .. وبمعجزة وتوفيق رباني استطعت استلام السيارة يوم وقفة العيد ..
خاتمة :
وقف سيادة الضابط ذو الثلاث نجوم يصدر أوامره الصارمة بضبط السير في منطقته المكتظة بالسيارات ، والتي زادتها اكتظاظاً فترة الأعياد .. وأخذ يوجه عناصر المؤازرة المكونة من سيارة أوميغا وعدد من الدراجات النارية للتوزع هنا وهناك لضبط الفوضى الضاربة ما أمكن ..
وبعين الصقر لمح سيادته سيارتي الجديدة تتهادى من بعيد ، وقرر أن يعايدني ويبارك لي بالسيارة .. فأرسل خلفي أحد زبانيته على دراجة نارية فاستوقفني هذا طالباً الأوراق ...
- الشرطي ( بكل أدب ) : كل عام وأنت بخير ... يبدو أنني سأضطر لتحرير مخالفة لك بـ 1500 ليرة وسأحجز السيارة ..
- أبو عبدو ( بكل ذكاء ) : ؟؟؟
- الشرطي ( بنفس الأدب ) : سيارتك تحمل لوحات مرور دمشق ونحن هنا في حلب ...
- أبو عبدو ( بنفس الذكاء ) : ؟؟؟
- الشرطي ( بكل براءة ) : وورقة المرور خاصتك لم تذكر حلب في المناطق التي يسمح للمركبة بالسير فيها ... لذلك تفضل معي وكل عام وأنت بخير ...
- أبو عبدو ( بذكاء خارق ) : آآآآآآآآآهااااااااا !!!!
وانصرفت إلى منزلي وأنا اتحسر على الخمسمائة ليرة التي اعتبرها صاحبنا مبلغاً تافهاً مقارنة بثمن السيارة التي أركبها ..
ولكن هذا لن يعكر فرحتي بالسيارة الجديدة ...
منقول عن أبو عبدو الحلبي