وزير العدل .... سياحة أثناء العطلة القضائية
توقيت الجولة وغاياتها
تهدف الجولة الميدانية ، التي يقوم بها السيد وزير العدل ، كما هو معلن إلى : دراسة معوقات العمل القضائي والعمل على معالجتها وتجاوزها بما يساعد على تسريع إجراءات التقاضي والوصول إلى تحقيق العدالة بين المواطنين . وفي إطار هذه الجولة تنقل سيادته بين عدد من المحافظات السورية شملت طرطوس والرقة وحلب والسويداء ، وحرص سيادته على الاجتماع مع القضاة والمحامين في كل محافظة زارها للإطلاع على المشاكل والعقبات التي تعوق عملهم .
وقد أثارت هذه الجولة لدينا بعض الأسئلة التي لم نجد جواباً عنها :
لماذا اختار وزير العدل القيام بجولته في هذا التوقيت ؟
فالمحاكم في عطلة قضائية ، والقضاة والمحامون منتشرون بحثاً عن الراحة والاستجمام ، والعمل القضائي شبه متوقف . فلماذا جولة وزير العدل ؟
إذا كانت الغاية من الجولة هي الاجتماع بالقضاة والمحامين وسماع آرائهم ، فقد كان بإمكانه تحديد موعد أفضل من العطلة القضائية لعقد هذه الاجتماعات ، خاصة وأن عدداً كبيراً من القضاة والمحامين لم يتمكنوا من رؤية سيادته لأنهم أولاً لم يعلموا بالزيارة ولأنهم ثانياً في عطلة والعطلة تكون عادة للراحة والاستجمام وليس لعقد الاجتماعات .
أما إذا كانت الغاية هي الإطلاع مباشرة على عمل المحاكم والمعاينة الحسية لواقع النشاط القضائي من قبل سيادته وأن يكشف بنفسه عن مواطن الخلل والتقصير وأن يدرس – كما قيل – معوقات العمل القضائي ، فإننا لا نعتقد أن جولته أثناء العطلة القضائية ستمكنه من تحقيق الأهداف التي جاء من أجلها . لأن العمل القضائي متوقف والمحاكم لا تعقد جلسات والقضاة غائبون ، فعلى ماذا اطلع سيادته وماذا عاين وماذا اكتشف ؟؟؟
نلاحظ ، من جانبنا ، أن جولة وزير العدل تزامنت مع الحديث عن إجراء تعديلات وزارية أو تشكيل حكومة جديدة ، كما أنها جاءت بعد فترة قصيرة من اعتقال القاضيين محمود سليمان وعلي الآغا والذي أشاع جواً من الاستغراب والصدمة لدى معظم قضاة الجمهورية . لذلك فإننا نعتقد – على ضوء ثبوت عدم صحة الأهداف المعلنة من جولة وزير العدل – أن الغاية الأساسية لجولته هي : أولاً – الظهور بمظهر الوزير المتحمس لعمله والمهتم بشؤون مرؤوسيه من القضاة وخلق انطباع بأنه يسعى إلى إصلاح القضاء وأن لديه خطوات جاهزة في هذا المجال ، وهماً منه بأن ذلك ينجيه من عجلة التعديل التي ستطال كل وزير مقصر . ثانياً – محاولة امتصاص مشاعر السخط التي انتشرت بين القضاة نتيجة اعتقال القاضيين محمود سليمان وعلي الآغا في ظروف غامضة واتهامات غير واضحة . ولاسيما بعد أن قام هو شخصياً بالدفاع عن صحة إجراءات الاعتقال .
لا يمكننا أن نفهم هذه الجولة إلا من هذا المنظور، وإلا لماذا لم نسمع عن الإجراءات الإصلاحية التي ينوي القيام بها والتي تناغمت وسائل الإعلام في نشرها وتضخيمها ، طوال الفترة الماضية ؟ وإذا كانت هذه الإجراءات تمثل خطة متكاملة للإصلاح فلماذا لا يعلن عنها ؟ وخاصة أن انتظارنا طال لمثل هذه الخطة .
خاص سوريا للقضاء والمحاماة
14/9/2005