![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | |||
|
![]() مراجعة قانونية لحرب الأسيرين يوسف معوض هل يعلم جون بولتون أن كلام الرئيس السنيورة كان موجها له؟ وهو الذي صرح بصفته سفيراً لأميركا لدى الأمم المتحدة أنه لا تجوز المساواة أخلاقيا بين سقوط الضحايا المدنية نتيجة الغارات الإسرائيلية على لبنان وقتل المدنيين في إسرائيل في "أعمال إرهابية خبيثة". ألم يكن الرئيس السنيورة يجيبه من ضمن النداء الذي وجهه إلى المجتمع الدولي قائلا: "لن تعتبر الحياة البشرية في لبنان أقل قيمة من حياة مواطني الدول الأخرى!". هذه العنصرية كان قد عبر عنها الجنرال الأميركي وستمورلاند Westmoreland عند خوضه غمار الحرب في فيتنام. عندها قضى على الأخضر واليابس بقصف جوي منتظم يدعى carpet bombing، وكان يقول : "ان أرواح الناس رخيصة في جنوب شرق آسيا"وهو يتصرف على هذا الأساس. هذا الموقف يخالف قاعدة النسبية proportionality في استعمال القوة ، وهي من المبادئ الأساسية التي ترعى قواعد الحرب في العالم المتحضر. مثل بسيط: إذا أطلق مخفر حدودي النار على مزارعي بلد مجاور، فهل يستدعي ذلك رد فعل يقضي بقصف عاصمة البلد المعتدي بالقنابل الفوسفورية؟ بالطبع هذا لا يجوز حتى لو اعترفنا ان لكل بلد الحق في الدفاع عن نفسه. السابقة في عام 1968، ضربت إسرائيل مطار بيروت بحجة أن الفدائيين الفلسطينيين ينطلقون من جنوب لبنان للقيام بعمليات داخل أراضيها. فكان موقف الرئيس الفرنسي دوغول حازماً وشاجباً . وصرحت آنذاك الديبلوماسية الفرنسية أن غزوة مطار بيروت تشكل إفراطا في استعمال القوة وان لا تناسب disproportion بين ما ألحق من أضرار بالدولة العبرية وردة فعلها في لبنان. استعمل الرئيس شيراك الحجج نفسها وهو يستنكر العنف الإسرائيلي في حديث تلفزيوني في 14 تموز الفائت مستهجناً اللجوء المفرط إلى القوة والضربة غير المبررة من الناحية النسبية. مواثيق وأعراف ضابطة للعنف منذ إعلان سان بطرسبرج لعام 1868 والهدف الحصري الذي يحق للأطراف المتحاربة تحقيقه هو "إضعاف قوات العدو العسكرية" ودحرها ليس الاّ. ولا يجوز التوسع بتفسير هذا النص ضناً بالمدنيين، فعلى الأطراف المتناحرة اعتبار "الأهداف العسكرية" بأضيق معاني هذه الكلمة وأكثرها حرفية. منذ 1868، وهم المواثيق الدولية الشاغل هو تحديداً حماية المدنيين والجرحى والعزّل الخ.... بالعودة إلى حالتنا، فإن الصراع الدائر الآن خاضع للاتفاقيات كما للأعراف الدولية الإنسانية. إنما هناك بعض نقاط الاختلاف كون "حزب الله" منظمة سياسية ذات ذراع عسكري في مقابل دولة إسرائيل. وقد لحظت هيومان رايتس ووتش HRW أن "حزب الله" ملزم بممارسة القتال بطريقة لا تتعارض مع القانون الإنساني الدولي العرفي كما أن عليه الالتزام بالمادة الثالثة من اتفاقات جنيف لعام 1949 التي ترعى النزاعات بين دولة وطرف ليس بدولة. وهذه المادة الثالثة تحظر التعرض للأشخاص الذين "لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم...". أما في ما يتعلق بإسرائيل فإن الوضع مختلف بعض الشيء. فلقد صرحت الدولة العبرية منذ بدء القتال، أي منذ 12 تموز، أنها تعتبر نفسها في حالة رد على أفعال الدولة اللبنانية ذات السيادة كما على أفعال "حزب الله" مما يعني أن هنالك صراعاً بين دولتين وبالتالي يصبح كل من لبنان وإسرائيل ملزمين باتفاقات جنيف لعام 1949 بما تتضمنه من قواعد شاملة ولن تكون الدولتان ملزمتين فقط بمندرجات المادة الثالثة المذكورة آنفاً. الحرب الشاملة وجرائم الحرب ان قواعد الحرب حسب المفهوم الغربي تعتبر ان العنف الذي يلحق بالطرف الآخر لا يجوز ان يكون مجانيا ولا مفرطا neither gratuitous nor excessive. فأعمال العنف لا يجوز ان تتعدى ما هو كفيل بتعطيل قدرات العدو العسكرية. وكل ما يصيب المدنيين يشكل مبدئياً جرائم حرب. وبالتالي فعلى الأطراف المتناحرة ان تلتزم بأهداف عسكرية تكتيكية دون الإستراتيجية منها. بمعنى آخر انه من المحظر "تركيع" شعب بضرب منشآته الحيوية وبنيته التحتية لتحقيق الانتصار المنشود، والا انزلقنا إلى وضعية الحرب الشاملة total war. ففي الحرب العالمية الثانية اقترفت سائر الأطراف، وان بنسب متفاوتة، جرائم حرب بانتهاجها هذا النوع من التدمير الشامل. مبدأ القضاء على قدرة العدو العسكرية فحسب يملي على كل من الأطراف المتنازعين الانضباط والكف حتى عن ضرب الأهداف العسكرية البعيدة عن ساحة المعركة والتي لا تشكل خطراً عليه. لنعد بالذاكرة إلى حرب الفوكلاند Falklands عندما أغرقت غواصة بريطانية الباخرة الحربية الأرجنتينية General Belgrano. راح ضحية العملية 368 بحاراً كانوا على متنها. فوجه اللوم إلى الحكومة الانكليزية لان الباخرة المذكورة لم تكن فقط خارج ساحة القتال، بل كانت تبتعد عنها. فقيل ان بحرية صاحبة الجلالة قامت بهجوم "سياسي" أكثر مما هو "عسكري" بهدف إجهاض مساعي السلام. أين نحن اليوم وقد فرض علينا الجيش الإسرائيلي حرب استنزاف يذهب ضحيتها المدنيون. صحيح ان لكل حرب عامل استنزاف ، انما عندما يكون الاستنزاف هو قاعدة الإستراتيجية،عند ذلك نكون دخلنا في عالم جرائم الحرب.وهذه السياسة تميل إلى انتهاجها الجيوش الجبارة عندما تصطدم بمقاومة عنيدة. فتضيق ذرعاً بمناعة الخصم ولا يسعها عندئذ سوى التصعيد إلى ما لا نهاية. ضابط من أركان وستمورلند كان يصرح بشكل فج: " إن الحل في فيتنام هو باستعمال مزيد من القنابل ومزيد من القذائف ومزيد من النابالم... حتى ينهار الطرف الآخر ويستسلم. أين هذا من "حزب الله" إن اختطاف جنديين إسرائيليين لا يشكل خرقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني وإن شكل استفزازاً حسب بعض الأطراف الرسمية الغربية. إن الجنديين الإسرائيليين هما اليوم أسرى حرب POW ترعى وضعهم اتفاقية جنيف الثالثة، وعلى "حزب الله" أن يعاملهما معاملة إنسانية. وهذا ما أكده إيجاباً وزير الخارجية اللبناني. إلا أن استخدام الأسيرين في التفاوض على إطلاق سراح سجناء لبنانيين وفلسطينيين قد يشكل، كما سبق ذكرت مؤسسة HRW، نوعاً من أخذ الرهائن hostage taking وهو أمر يحظره القانون الدولي الإنساني. على مستوى آخر، نتساءل لماذا لجأت المقاومة إلى استعمال صواريخها لضرب المدن والمستوطنات الإسرائيلية. فإن ضرب أهداف مدنية في لبنان لا يبرر، حسب القانون الدولي، الانتقام من مواقع إسرائيلية مدنية. لم يكن لتوجيه الضربات لحيفا أو نهاريا من أثر في ميزان المعارك الدائرة . فلم لا يبقى جيش الدفاع الاسرائيلي وحده الذي يعتدي على النساء والعجزة والأطفال ليتسنى لنا عندئذ مقاضاة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية، وليتسنى لنا تسليط أضواء الرأي العام الدولي المضلل على من هو فعلاً الارهابي؟ كيف بالتحرك على هذا المستوى وقد تساوى الطرفان في ضرب الأهداف المدنية حتى ولو كان البادئ بالتصعيد أظلم وأعتى ؟ لم يكن لضرب العمق الإسرائيلي من دور نسبياً في زعزعة قوات العدو طالما كان عشوائي الأثر حتى تاريخه، غير مفرط الضرر في آلة العدو العسكرية. ولم يضف هذا القصف شيئاً إلى سيرة البطولة التي خطتها المقاومة في مارون الراس وبنت جبيل وغيرهما من المواقع والمنازلات. محام وأستاذ جامعي المصدر : النهار آخر تعديل المحامي عارف الشعَّال يوم 20-10-2009 في 04:41 PM.
|
|||
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مرسوم العفو رقم 34 لعام 2011 للجرائم المرتكبة قبل 7/3/2011 | أحمد الزرابيلي | موسوعة التشريع السوري | 6 | 07-03-2011 04:34 PM |
قوانين التبغ والتنباك | المحامي نوار الغنوم | موسوعة التشريع السوري | 6 | 23-02-2011 05:28 AM |
الضرائب الجديدة التي أقرت بصمت، وبعيداً عن الإعلام | المحامي باسل مانع | أخر الأخبار | 4 | 08-10-2010 09:38 PM |
القانون رقم/12/2010 زيادة قيمة طوابع دور المحاكم | مازن ابراهيم | موسوعة التشريع السوري | 0 | 21-04-2010 07:51 PM |
تنظيم حماية الملكية التجارية والصناعية | المحامي جهاد فرعون | موسوعة التشريع السوري | 0 | 12-10-2007 10:24 PM |
![]() |