قضية أبو الفتوح هل تفتح ملف المشعوذين؟
لؤي اسماعيل : (كلنا شركاء) 13/5/2010
منذ ثلاثين عاما وأبو الفتوح يعيث فسادا وإفسادا في نفوس الناس والعبث بأغلى ما يملكه الناس من كرامة وشرف ليحولهم إلى قطعان من الشواذ الجنسيين ليشبع رغبته العارمة بالجنس .
ما قرأناه مخيف بل مخيف جدا ( جنس محارم – اغتصاب وفض بكارة – جنس فموي – جنس جماعي - قتل ) وكل ذلك يجري وللأسف الشديد باستغلال الدين والناس أصحاب العقول البسيطة لتحقيق المآرب الشخصية الدنيئة لشخص تجرد من كل القيم الإنسانية ليصبح وحشا مفترسا قذرا لا يتوانى عن فعل أي شي ثم بعد كل ذلك يتم نشر الخبر وكأنه إنجاز لكن إنجاز لمن ؟ هل هو انجاز للجهات المختصة التي استطاعت وضع حد لهرطقة الدجال أبو الفتوح والقبض عليه وكشف ما هو مستور لكن بعد ثلاثين عاما قضاها حرا طليقا ؟ هل هو إنجاز للإعلام الذي تسابق إلى نشر الخبر وكأنه سبق صحفي ولم يمارس المبادرة المطلوبة منه بالبحث والتقصي عن أحوال المجتمع سيما وان هذه الظاهرة لا بد أن تكون معروفة ومتداولة في حديث الناس فالأمر ليس سرا والضحايا أو المغرر بهم أو اسمحوا لي بتمسيتهم " المساطيل " ليسوا بالواحد أو الاثنين بل بالعشرات وهو ما تم كشفه حتى الآن فقط وربما يأتي الغد القريب بما لم نعلم من ضحايا ؟
هذه القصة بكل تفاصيلها البشعة أصبحت مادة دسمة للتداول والحديث ولكننا أمام هذه الحادثة نحن بحاجة ماسة لمعرفة الأسباب التي تدفع بعض الناس إلى الانجراف المحموم خلف هكذا دجال لا يترك حرمة لله إلا ويقترفها ، والأكثر من ذلك نحن بحاجة إلى أن نعلم لماذا ظل هذا المجرم طليقا طيلة الفترة السابقة أي ثلاثون عاما وهي تلك المدة التي عبث فيها ودك فيها كل القيم لدرجة جعلته وحشا مسعورا يفترس كل من يقف أمامه حتى ابنتيه ؟
لقد كثرت واستفحلت في الآونة الأخيرة قصص المشعوذين وتكاثر عددهم وهم يصنعون لأنفسهم هالة من القوة والنفوذ تجعل الآخرين يخافون شرهم وإلحاق الأذى بهم بل وتجعلهم يطيعون طاعة عمياء كل ما يؤمرون به دون تفكير أو تردد حتى لو أدى ذلك إلى قتل أبنائهم وتقديم عرضهم رخيصا لأولئك الدجالين والذين يلبسون وللأسف الشديد اللبوس الديني بإدعائهم أنهم شيوخ طرق أو إدعائهم أنهم أولياء لله ؟
لقد جاءت الرسالات السماوية لتحفظ عقول وأعراض الناس وجاء الاتفاق على تحريم الشعوذة والسحر في جميع الاديان السماوية دون استثناء فالدين الإسلامي حرم السحر والشعوذة ويعد الساحر كافرا يستحق عقوبة القتل على رأي الفقهاء فقد قال الله تعالى في القرآن الكريم
:{ وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أُنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحدٍ حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون} "البقرة 102".
وقال تعالى
: { وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين} "يونس 79، 80، 81". كما ان السحر محرّم في الديانة المسيحية تحريماً قاطعاً على اختلاف أنواعه فلقد حذر بولس الرسول من السحر حيث يقول أن " كل من يتعاطى السحر فإنه لا يدخل إلى ملكوت الله "
وفي القانون السوري نجد أن هنالك تراخيا في تشديد عقوبة من يتعاطى السحر
حيث نصت المادة 754 1 على " 1ـ يعاقب بالحبس التكديري وبالغرامة من خمس وعشرين إلى مائة ليرة من يتعاطى (بقصد الربح) مناجاة الأرواح، والتنويم المغناطيسي والتنجيم وقراءة الكف وقراءة ورق اللعب وكل ما له علاقة بعلم الغيب، وتصادر الألبسة والعدد المستعملة.
2 ـ يعاقب المكرر بالحبس حتى ستة أشهر وبالغرامة حتى مائة ليرة، ويمكن إبعاده إذا كان أجنبياً "
ونلاحظ أن القانون أضاف عبارة " بقصد الربح " أي يجب إثبات أن المشعوذ أراد تحقيق الربح من خلال شعوذته فما حال من يفسد الناس ويجردهم من القيم ويحتال عليهم بإدعائه السحر وهو يخلي جيوبهم ويوجه الناس لشراء أشياء معينة غالية الثمن من عند عملائه دون أن يتقاضى مباشرة أي مبلغ لجيبه فكيف يمكن هنا إثبات الواقعة القانونية ؟ وهل الربح المادي هو العبرة في التجريم أم ما يصيب المجتمع من شرور وكوارث جراء هذه الأساليب الخطرة ؟
إن الأمر بحاجة ماسة إلى إجراءات عملية وعقوبات مشددة وقاسية ولا بد من ملاحقة أولئك المشعوذين الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم نظرا للمبالغ الطائلة التي يجنونها جراء عملهم هذا كما لا بد من ملاحقة المتواطئين معهم إن وجدوا إذا لا يمكن تصور أن مثل هؤلاء الذين يقضون طول تلك المدة وهم يمارسون دجلهم علنا وعلى المكشوف دون أن يكون هنالك من يحميهم مباشرة أو غير مباشرة وإن كان المثل يقول " الغريق يتعلق بقشة " فيجب عدم السماح لأولئك الدجالين باستغلال حاجة الناس لتحقيق مآربهم ولا بد من زيادة العلم والمعرفة ومحاولة إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها الناس والتي للأسف الشديد تشكل الدافع الأكبر لهم للتوجه إلى المشعوذين أملا في حلها وهنا أطالب رجال الدين ولا سيما خطباء الجمعة بمحاولة معالجة هذا الأمر من مختلف جوانبه كما لا بد من إقامة العديد من الندوات العلمية التي تشرح مخاطر هذا الفعل والوقوف منها موقف صارم نظرا لخطورتها .
إننا الآن أمام قضية اجتماعية متكررة تفرض نفسها علينا فبرامج الفضائيات باتت تعج بأولئك الدجالين الذين يكشفون الطالع ويفكون المربوط والجرائد والمجلات باتت تفسح المجال لهم بالظهور رغبة بزيادة مبيعاتها ضاربين عرض الحائط بما يمكن أن يخلفه ذلك من ضرر إضافة إلى الدعاية التي يمكن أن يقدمونها إلى أولئك المشعوذين لذلك فأنا أطالب وسائل الإعلام بتحمل مسؤوليتها الاجتماعية وان تنبري لمكافحة وتسليط الضوء على هذه الظواهر الشاذة لا الترويج لها علما أن بعض المنجمين هم نجوم العديد من الإذاعات الخاصة ولهم برامج ثابتة تحظى بمتابعة جمهور غفير من الناس بل ويتم استقبال الاتصالات " لتتوقع " لهم العرافة ما يجب فعله كما أن العديد من العرافات لهم زاوية ثابتة في بعض الصحف الخاصة والعامة حيث تكاد لا تخلو صحيفة من زاوية لما يسمى بالأبراج تتيح المجال للمنجمين ممارسة تنجيمهم ونجوميتهم على الناس وهم للأسف الشديد يقيمون ما يسمى بحفل توقيع كتبهم المتعلقة بالأبراج وتوقعات السنة الجديدة فهل ما يفعلونه هو لخدمة المجتمع أم لتعبئة جيوبهم ؟
يجب أن تكون قضية أبوم الفتوح هذا عاملا لفتح ملفات المشعوذين والضرب بشدة على يد الذين يعيثون فسادا بالمجتمع مشتغلين بساطة وحاجة الناس كمدخل لتحقيق مآربهم الدنيئة وهذه مسؤولية الجميع بما فيهم وسائل الإعلام التي عليها اتخاذ المبادرة الفعلية في فضح المشعوذين وكشف أساليبهم وحيلهم لا انتظار ما يمكن أن يقدم لهم على أنها اعترافات .