جيء بالمتهم تحيط به قوة من الدرك , وأُدخل في قفص الاتهام , وحضر وكيلاه : الأستاذ عبد الفتاح زلط والأستاذ سعد زغلول الكواكبي , ونودي على المتهم الثاني فيكتور غالوس , فلم يحضر , كما لم يحضر المدعي الشخصي أسعد عبجي , وطلب النائب العام السير في الدعوى باسم الحق العام فقررت المحكمة ذلك .
وبعد أن أخذت المحكمة هوية المتهم أصولاً , تلا الكاتب المقالات المنشورة في جريدة " صوت التقدم " ولما انتهى من تلاوتها , سأل رئيس المحكمة المتهم فيما إذا كان هو الذي كتب هذه المقالات , وما رأيه فيها فأجاب :
إن ما كتبته عن الدول العربية لا يقصد به إلاً سرعة الإصلاح ..
أما المقال المتعلق بالرسول الأعظم فإنه لا يجد فيه أي مس بكرامته , وإنه لم يقصد به إلاّ التمجيد بعظمته ..( جريدة الشاطئ العدد 163 / تا 17 آذار 1951 ) .بعد ذلك بدأت المحكمة باستجواب المتهم والاستيضاح منه عما جاء في مقالاته موضوع الدعوى ,
فسأله الرئيس :
ماذا تقصد بعبارة ( لم تقع معجزات ) ؟
أجاب المتهم :
إني أقصد أنه لم تقع معجزات حين ولادة الرسول , لأن محمداً كغيره من البشر ثم أصبح نبياً , وهذا تمجيد بمحمد ويؤيدني بذلك كثير من العلماء منهم : محمد عبده , والغزالي , والمراغي , ومحمد حسين هيكل , وإن المعجزة الوحيدة هي القرآن الكريم , وهذه حصلت بعد البعثة .
الرئيس : ماذا تقصد من البيان المنشور بعنوان ( محمد بلا عقيدة ) ؟
أجاب : إني أقصد أن محمداً لم يكن له عقيدة بالأصنام التي كانت تُعبد في أيامه , وهذا ثابت في المقال المنشور في " صوت التقدم " .
الرئيس : ماذا تعني بقولك إن الرعي كان مهنة العبيد ؟
المتهم : أردت أن أبين للناس عصامية محمد (ص) , أي أنه عليه السلام أعظم ألف مرة ممن يصبح في عداد العظماء عن طريق المال ..وتابع : إن طبقة العبيد لم تكن منحطة كما يصورونها , بل كانت طبقة راقية تتمثل في تصرفاتها الفضيلة .
ثم توجه النائب العام إليه بسؤال يتعلق بموضوع الرعي , وأنه كان من مهن العبيد مع العلم أن محمداً كان من رعاة مكة , وهل استقى ذلك من مصدر تاريخي أم أنه استنتج ذلك استنتاجاً ..
يتبع إنشاء الله