[align=justify]
أشكرك أستاذ هيثم على مشاركتك القيمة وأتمنى أن يشارك في هذا الموضوع الهام عشرين مليون سوري .. وأن يرفع عنا هذا الصمت المطبق من الأغلبية ..
فعلاً أستاذ هيثم كان من المفروض أن يناقش هذا القانون وكل القوانين السورية مناقشة هادئة وأن تناقش مواده مادة مادة لنصل إلى قانون أو قوانين جيدة معاصرة ترتقي بمجتمعنا وتحل ما أمكن من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فيه.
كلنا ندعو لقوانين معاصرة وكلنا وخصوصاً نحن معاشر المحامين لنا مآخذ ومثالب على بعض أو كل القوانين ومنها قانون الأحوال الشخصية لأننا على تماس شبه يومي معه ونعرف كل محاسنه ومساوءه وثغراته. وتجربتنا مع القوانين ليست تجربة قانونية فقط وإنما تجربة شاملة تتمثل بما نراه من أثر لهذه القوانين وتطبيقها وطريقة تطبيقها على الناس في مكاتبنا وخارج قاعات المحاكم... ولكن باستثناء من شارك بحملة شتم واضعي القانون ومؤيديه ... هل تقدم أحد ما بمشروع قانون يراعي ويحترم جميع الحقوق.. ويحقق مصالح وحاجات المجتمع..
لقد دعوت ومازلت أدعو لتطوير القوانين وعلى رأسها القانون المدني وقانون العقوبات وقوانين الأحوال الشخصية والقوانين التجارية ولكنني أكاد أذهل للنتائج السيئة التي نصل إليها بعد صدور القوانين لأن كل ما صدر لم يكن إلا ترميمات وترقيعات قانونية تأخرت كثيراً .. ولا تكاد تمر أيام أو أشهر على صدور أي قانون حتى تصدر له تعديلات وتعديلات على التعديلات .. لا بل قد يلغى القانون بعد أشهر أو سنة أو سنتين من صدوره... والأمثلة موجودة. ونرى المحاكم تتعثر وتتلكأ في تطبيق هذه القوانين منتظرة رأياً أو اجتهاداً أو توجهاً لمحكمة النقض في تفسير القانون.
وكان السبب الرئيس في ذلك هو الطريقة التي يتم بها مناقشة القوانين ومثالها الحي هذا الموضوع الذي نحن بصدده.. وكذلك الطريقة التي يتم بها تعديل القوانين بعيداً عن أصول ومبادئ صناعة القانون.
أخشى ما أخشاه أن نفقد التلاحم الأخوي الوطني بيننا كسوريين.. ورغم أني لست من أنصار نظرية المؤامرة إلا أنني أشعر كما تشعر أن هناك من يتقصد الوصول لهذا الأمر.
لقد تطور التفرق والاختلاف إلى نزاع وصراع وسباب وشتم ... وشغلنا بنقد وتجريح وتكذيب بعضنا البعض بدلاً من بذل الجهد للوصول إلى صيغ مشتركة مقبولة من الجميع.. كي نعود شعباً وأمة متماسكة راسخة الكيان أمام التحديات الكثيرة من حولنا..
فالكل متشبث برأيه .. وتحولت قوانيننا من قوانين لخدمة الجماعات إلى قوانين لخدمة الأفراد
لقد تجرعنا مرارة الصراع والنزاع ما يكفي.. وآن لنا أن نمسك بأيدي بعضنا للوصول لقوانين جديدة معاصرة ترتقي بهذه الأمة لتصل إلى مصافي الدول المتقدمة بعد أن مللنا من كوننا عالماً ثالثاً ورابعاً وسابعاً .. قوانين تسد الطرق بل والثغرات أمام الشياطين التي نذرت نفسها للتفرقة فيما بيننا والتحرش بنا.
إن من طبيعة الإنسان الاختلاف.. ومن طبيعته أن يتعاطف مع من يتفق معه في الرأي والفهم... وهذا لا يعني أن يصبح الجميع لوناً واحداً أو نسخة واحدة في الفهم والإدراك.
فذاك أمر مستحيل التحقيق وإن تحقق فهو أمر في غاية السوء.. إذ أنه يعطل فرص النمو والتطور..
إن الاختلاف في حقيقته ليس شراً إذا توافرت فيه أخلاق الاختلاف..
بل إن الرأي والرأي الآخر ضروري لأنه يكمل الرؤية وبه تصبح الصور أمامنا كاملة وواضحة..
لكن الاختلاف قد يقود للانحطاط إذا تحول إلى صراع ونزاع ووسيلة لكسب النقاط وتصفية الحسابات وتمرير الأفكار والأهداف المرفوضة من المجتمع عموماً ..
من هنا فإني أؤكد وأكرر دعوتي لمناقشة القوانين من الناحية القانونية وبشكل قانوني وليدلي كل منا بدلوه حول القانون.. أي قانون... كل القوانين مطروحة للنقاش.. ماهي ايجابياته .. ما هي سلبياته.. ما هي المواد الواجب تعديلها.. وماهي المواد الواجب التمسك بها... ماسبب التعديل وإلى ماذا يستند.. ما صيغة التعديل المقترح .. وهكذا.........
وقبل ذلك أين نحن من هذا العالم وما هي هويتنا ... وما هي ثقافتنا ... هل لنا هوية وثقافة ودين تبنى عليها قوانيننا ... أم نقتصر دوماً وإلى ما شاء الله على اقتباس القوانين وترجمتها ترجمة سيئة وتطبيقها على مجتمعاتنا بكل ما هي من حسنات وسلبيات ...
هل قوانيننا منطلقة من حاجاتنا ومصالحنا.... أم عبارة عن نسخ ولصق وترجمة وإقرار وتطبيق وتملص وتهرب والتحايل بالتطبيق..
ملتزمين كلنا صغاراً وكباراً ... نساء ورجالاً... شيباً وشبابا ... بأخلاق الحوار والاختلاف واحترام الآخر واحترام عقيدته ومشاعره وخصوصياته ... والحرص على بقائه بدلاً من إلغاءه .. فالحياة الفكرية كالحياة العضوية لا تنمو وتتكاثر إلا بوجود زوجين...
للحديث تتمة.....
وتقبلوا تحياتي
[/align]