تتمة
إحدى عوامل النجاح في أسواق الأوراق المالية
الفصل بين الدورين التشريعي والرقابي والدور التنفيذي
ألقينا الضوء في الأعداد السابقة حول نشأة البورصات وتطورها والمراحل التي مرت على بعض هذه البورصات وانتقالها من الواقع اللا تنظيمي حيث التجاوزات وحدوث الأزمات التي انعكست سلباً على اقتصاديات هذه الدول, إلى ما وصلت إليه الآن من تطو ر تشريعي وتنظيمي ومؤسساتي يجعلها تجارب رائدة يمكن الإستفاده منها في الأسواق الناشئه التي تسعى لأن تجد لها مكانا في هذا المجال
رغم دخولها فيه منذ عقود, كما يمكن اعتبارها نماذج ’يحتذ ى للدول التي لا تزال تتلمس طريقها و’تعِد العدّة ْ للدخول من إحدى البوابات الآمنة إلى هذا العالم الجديد .....كما الحال لدينا ....
من البد يهي في الوقت الحالي لأي بلد يرغب بإنشاء سوق أوراق مالية أن يفكر بالإطار المؤسساتي والتنظيمي لهذا السوق لأنها إحدى الخطوات الهامة التي يترتب عليها الصيغة النهائية للطريقة التي سيدار بها السوق فيما بعد من حيث التنظيم والإشراف والرقابة وفي هذا الخصوص يبقى اختيار الطريقة من اختصاص الجهات المعنية في أي بلد وقد تفاوتت تجارب الأسواق في هذا الشأن
-1- فقد اتبعت بعض الدول جمع المهام الرقابية والتنفيذية بإدارة البورصة وهذه الدول لا يوجد فيها هيئة مستقلة للإشراف والرقابة على سوق الأوراق المالية ومثال عليها من بورصات الدول العربية،الكويت الدوحة , وتتميز هذه الأسواق أن معظم أعضاء مجلس الإدارة فيها من الشخصيات الحكومية,وتقوم هذه الأسواق بالدور التنفيذي في سوق التداول بما يتطلبه ذلك من عمليات لتسوية بيع وشراء ,ونشر معلومات كما تقوم بدور المراقبة والإشراف على العمليات من حيث تطبيق التعليمات وتقيد الوسطاء بأنظمة السوق وضبط مخالفتهم
2- دول’’أخرى لا يوجد في أسوقها هيئة مستقلة للرقابة والإشراف فلا يتم الفصل بين الدور التنفيذي والدور الرقابي إلا أنها تتميز بتدخل حكومي أقل وبالرغم من قيامها بالدورين معاَ إلا أنه يفسح المجال بشكل أكبر للخبراء من القطاع الخاص ومثال عليها بورصة بيروت
3- قسم من الدول لا يوجد في أسواقها هيئة مستقلة للرقابة والإشراف إنما يتم الفصل بين الدور الرقابي والإشرافي عن الدور التنفيذي في البورصة حيث يتولى الدور الرقابي والإشرافي على البورصة البنك المركزي كما هو الحال في سوق الأوراق المالية البحريني
4 –أما القسم الأخير من الدول وهي الدول التي يوجد في أسواقها هيئات مستقلة للرقابة والإشراف على أسواق الأوراق المالية لديها حيث يتم الفصل بين الدور التشريعي والرقابي والدور التنفيذي للبورصة ,حيث تقوم هيئة الأوراق المالية بالدور التشريعي والرقابي هدفها حماية حقوق المستثمرين , ويقوم مجلس إدارة البورصة والذي يضم الوسطاء والمتعاملين بالسوق ,يقوم بمهمة الدور التنفيذي المتمثل بإدارة البورصة , وهذا النوع من أنظمة بورصات الأوراق المالية هو الأكثر انتشاراَ مثال عليه في أسواق المال العربية ’عمان ,تونس ,المغرب, الأردن ,الإمارات و مصر
- وإذا أخذنا الأردن نموذجاَ عن أسواق الأوراق المالية العربية نجد أنها أن العمل بالسوق الأردني بدأ في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي منذ نشوء الشركات المساهمة وفي غياب السوق المنظم كان يتم التعامل من خلال السوق غير المنظمة ,ثم اتضحت الحاجة لإنشاء سوق منظم , وتأسس سوق عمان المالي عام 1976 وبدأ أول يوم عمل فعلي له لسوق منظم للأوراق المالية مي 1/1/1978وخطا السوق الأردني منذ إنشائه خطوات هامه .....وفي نهاية القرن الماضي أحدث إصلاحات واسعة لإعادة هيكلة وتنظيم سوق رأس المال وكان بإصدار قانون الأوراق المالية رقم/23/ لعام 1997والذي هدف إلى إعادة هيكلة سوق رأس المال الأردني حسب المعايير العالمية والعمل على زيادة الشفافية والإفصاح وتوفير الخدمات المالية الضرورية ورفع سوية الموجود منها تعزيزاَ لمبدأ حماية المستثمر وتوفيراَ للمناخ الملائم للاستثمار في الأوراق المالية , وكان من أبرز ملامح هذا القانون :
-إنشاء ثلاث مؤسسات هي( هيئة الأوراق المالية وبورصة عمان (سوق الأوراق المالية )ومركز إيداع الأوراق المالية ).
2-فصل الدور الرقابي والتشريعي عن الدور التنفيذي واللذان كان يقوم بهما معاَ سوق عمّان المالي حيث أوكل مهمة الرقابة والتشريع إلى هيئة الأوراق المالية ومهمة الدور التنفيذي لبورصة عّمان (سوق الأوراق المالية ) .
3-عمل القانون على إيلاء الإفصاح أهمية كبرى, وذلك تأكيداَ لأهمية الإفصاح في حماية المستثمر وتعزيز مناخ الاستثمار وسلامة التعامل .
4 –وضع القانون الإطار التشريعي والعملي لإيجاد شركات الخدمات المالية المختلفة , وصناديق الاستثمار ومنع استغلال المعلومات الداخلية.
5-فتح الباب أمام استحداث أدوات مالية جديدة مثل الخيارات, والعقود الآجلة والمستقبليات , إضافة لعمليات البيع المكشوف.
- هيئة الأوراق المالية الأردنية هي هيئة رسمية لها شخصية اعتبارية وتتمتع باستقلال مالي وإداري وترتبط برئيس الوزراء مباشرة تعزيزا َلاستقلالها وحتى تعمل بكفاءة وفعالية لتحقيق الأهداف التي ’أنشئت من أجلها .
-وتهدف الهيئة إلى :
1-توفير المناخ الملائم لتحقيق سلامة التعامل بالأوراق المالية .
2-تنظيم وتطوير ومراقبة سوق الأوراق المالية وسوق رأس المال في المملكة .
3-حماية حملة الأوراق المالية والمستثمرين فيها من الغش والخداع.
-ولكي تتحقق هذه الأهداف فقد أوكل القانون إلى الهيئة المهام التالية :
-تنظيم ومراقبة إصدار الأوراق المالية والتعامل بها .
-تنظيم ومراقبة أعمال ونشاطات الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة وإشرافها, وهذه الجهات هي :
-بورصة عمان (سوق الأوراق المالية )-مركز إيداع الأوراق المالية –شركات الخدمات المالية –الشركات المساهمة العامة –صناديق الاستثمار – معتمد و المهن المالية.
- تنظيم ومراقبة الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بالأوراق المالية والجهات المصدرة لها , وتعامل الأشخاص المطّلعين , وكبار المساهمين والمستثمرين فيها .
- تنظيم عمليات البيع المكشوف للأوراق المالية .
-تنظيم العروض العامة لشراء أسهم الشركات المساهمة العامة .
-وللهيئة مجلس مفوضين مكون من خمسة أعضاء من بينهم الرئيس ونائب الرئيس ويجب أن يتمتع الأعضاء بالخبرة والاختصاص بشؤون الأوراق المالية......وشروط أخرى ذكرها القانون كما ذكر هذا القانون الكثير من الصلاحيّات التي يتمتع بها مجلس المفوّضين لتحقيق سلامة التعامل بالأوراق المالية ولضمان حقوق المستثمرين وحفظ توازن السوق...........وأهمها إصدار التشريعات الضرورية , توفير الشفافية والإفصاح اللازمين في سوق الأوراق المالية..........
-كما تضم هيئة الأوراق المالية كادراَ متخصصاَ يشكل مايسمى الجهاز الإداري للهيئه يتقاسم مهام إدارة السوق . وهذا فيما يتعلق ببعض التجارب العربية .
وإذا أردنا التذ كير بأحد أهم التجارب الدّولية فالمطّلع والمهتم بأسواق المال أول مايتباد ر لذهنه البورصات الأميريكية التي كانت ولاتزال نموذجا فريدا ًمن حيث التنظيم والتشريع والرقابة والتطور الدائم في تسريعاتها والفوائد المالية الخيالية المتحققة للمتعاملين فيهاوالدعم الهائل للإقتصاد الأميريكي , وإن حدث خللاً واضحاً في السنوات الماضية بداية هذا القرن نتيجة التلاعب بالنظم المحاسبية مما أدى إلى انهيار كبريات الشركات وقد تحدثنا عن ذلك سابقاً، مادفع الرئيس الأميريكي للتدخل شخصيا واقتراح تطوير نظم الرقابة وتشديد فرض العقوبات على المخالفين. حتى تبقى أسواق المال الأميريكية تحظى بثقة المستثمرين فيها من كل دول العالم .
ولو استعرضنا بشكل سريع آلية العمل في هذه الأسواق نجد أن ضبط هذه الأسواق وتأمين استقرارها والرقابة على حسن تطبيق التشريعات هو من مها م هيئة الأوراق والأسواق المالية الأميريكية USA securities&exchange commission {SEC } والتي ’أنشأت 1934 في عهد الرئيس فرانكلين روزفلت الذي عيّن جوزيف ب كينيدي والد الرئيس الأميريكي جون ف كينيدي كأول رئيس ل((SEC وقبلها بعام ظهر قانون الأوراق المالية securities act of 1933، التي تضبط صناعة وإصدار الأوراق المالية في سوق الإصدار , وبما أن أسواق الأوراق المالية تتطور تقنياَ وتتوسع بالحجم وتقدم خدمات جديدة فإن SEC دائماَ منهمكة في تشكيل القوانين لتحمي جودة الأسواق وانتظامها وهدفها الأهم هو حماية المستثمرين وكسب ثقتهم وهي بالإضافة إلى ذلك وكما ذكرنا تقوم بمهام الرقابة على عمل البورصات وآلية تنفيذها للقوانين كما تشرف على كل المؤسسات المالية التابعة لرقابتها كالوسطاء وا لوكلاءBrokers, Dealers ومكاتب الإستشارات المالية والإستثمارية Advisory Financial&Investment Offices وصناديق الإستثمار Mutual funds وتحقيقاَلسلامة ال تعاملات المالية وصيانة لحقوق المتعاملين فيها.
-تتألف الهيئة من خمسة مفوضين Commissioners وأربعة أقسام رئيسية18مكتب وحوالي 2900 موظف ، يعين رئيس الولايات المتحدة المفوضين لمدة خمسة سنوات ويسمي أحدهم رئيساً للهيئة ......
- ومن الأقسام الرئيسية للهيئة :
- 1 -قسم تنظيم السوق Division of Regulathon
2-قسم فرض النظام Division of Enforcement
3- قسم تمويل الشركات Division of Carporate Financeسم إدارة الإستثمار Division of Invistment Management
5-مكتب كبير المحاسبين Office of Chief Accountant
6-مكتب التحليل الإقتصاديOffice of
Economic Analysis -7المكتب الإداري للقضاة القانونيين Office Of Administrative law
judges6
8 –مكتب المستشار العام thegeneral counsel Officeofإلى العديد من المكاتب المتخصصة بمهام متكاملة فيما بينها بحيث تحقق الهدف الرئيسي ...ضبط أسواق المال وتأمين حماية المستثمرين وكسب ثقتهم
-طبعاً هذه نظرة سريعة على آلية العمل في أسواق المال الأ ميريكية لايمكن لأي باحث أو مهتم بأسواق المال أن يغضّ الطّرف عنها لعراقتها وريادتها عالمياً......
بعد إلقاء الضوء على بعض تشريعات بورصات الأوراق المالية العربية والدولية وآلية عملها يبقى الخيا ر واسعاَ لإنشاء سوق أوراق مالية سورية بعد اختيار الإطار التنظيمي والمؤسساتي وهذا يتوقف على ما يتناسب مع المناخ المفترض لنجاح هذا السوق من منظور الجهات المعنية وبما يمليه الأمر الواقع بما يحقق الأهداف المرجوّة منه.
.وكما تحدثنا في العدد السابق حول مطالبة الجهات المعنية في بعض الدول التي لم تنشأ هيئة مستقلة لسوق رأس المال أو لسوق الأوراق المالية ,لديها و التي لم تفصل بين الدورين التشريعي والرقابي والدور التنفيذي فهي تسعى لتحقيق ذلك لأنه الأسلوب الأكثر مصداقية لما يحققه من شفافيه وعدالة قدر المستطاع وضمان لحقوق المستثمرين والمتعاملين بالسوق كافة.وتأكيداً لذلك مانشرته صحيفة الرأي العام الكويتية "الدور المرتقب لخلق سوق مالية كفؤة في الكويت "في العدد12207 الأربعاء NOV.22لعام 2000 فمن المواضيع التي طرحتالمطالبة بإنشاء" الهيئة العامة للأسواق المالية والسلع "وأن تكون بإدارة القطاع الخاص لأهميتها في تطويرآليات وأدوات السوق وفصل المسؤوليات بحيث لا يمكن أن تكون إدارة السوق رقابية وتنفيذية بنفس الوقت.وهذا وفق ماجاء في ذات الصحيفية .
.وما نشرته صحيفة السفير حول مشروع قانون هيئة الأسواق المالية في لبنان 9October لعام2000 وإلى الآن لم لازالت الجهود مستمرة بهذا الشأن....
منقول عن المحامية منيرة مسعود : ( كلنا شركاء) 12/12/2004