عرض مشاركة واحدة
قديم 26-02-2006, 08:44 AM رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
المحامي سليمان الأحمد
عضو مساهم نشيط

الصورة الرمزية المحامي سليمان الأحمد

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


المحامي سليمان الأحمد غير متواجد حالياً


افتراضي صرف القضاة تم خلافاً للقانون والدستور

قرأت باهتمام ماكتبه زميلنا العزيز الأستاذ نزيه المعلوف على سيريا نيوز يوم أمس،حول مرسوم صرف القضاة من الخدمة، وأني إذ أوافقه الرأي في بعض ما قاله، إلا إنني أجد نفسي مختلفاً معه في بعضه الأخر، والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية،

وإن أكثر ما أثارني فيما طرحه هو العنوان : "صرف القضاة من الخدمة تم طبقاً للقانون.. والخطأ المهني كان في المرسوم" فإذا كنت أوافقه الرأي أن صرف القضاة قد تم خلافاً للمادة 28/من الدستور التي نصت : (1- كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم 4- حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون) كما جاء خلافاً للمادة الثامنة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي انضمت إليه سورية : ( لكل إنسان الحق في أن يلجأ إلى المحاكم ويلقى لديها الإنصاف عند ارتكاب أي فعل ينقص عليه الحقوق الأساسية التي يقر بها الدستور والقانون ).

إلا إنني لا أوافقه الرأي في قوله أن القول بعدم مشروعية قانون الصرف من الخدمة قد جاء في غير محله القانوني، وأن المرسوم المذكور ينسجم وأحكام القانون" هذا القول تدحضه المادة الأولى فقرة /آ / من مرسوم الصرف نفس التي تؤكد على صدوره خلافاً لأحكام القانون (( المادة 1 :‏‏ آ - خلافاً للأحكام القانونية النافذة ولاسيما المادة /92/ من قانون السلطة القضائية رقم /98/ تاريخ 15/11/1961 وتعديلاته, يجوز لمجلس الوزراء لمدة أربع وعشرين ساعة ولأسباب يعود تقديرها إليه, أن يقرر صرف القضاة من الخدمة..)

والمرسوم المذكور لم يعدّل من الإجراءات والأصول المتبعة بعزل القضاة المنصوص عنها في قانون السلطة القضائية الحالي،وإنما جمد ولمرة واحدة ولمدة 24ساعة أحكام قانون السلطة القضائية النافذ وأعطى الحق لمجلس الوزراء حق بصرف القضاة، بدليل أنه بعد صدور المرسوم المذكور تم عزل عدد من القضاة وفقاً لقانون السلطة القضائية.

ولا أظن أن أستاذنا العزيز قصد بقانونية مرسوم الصرف هو صدوره استناداً إلى قانون الطوارئ الساري المفعول من أكثر من أربعين عاماً والمخالف أصلاً لأحكام الدستور.

أما بالنسبة إلى الاعتراض على دستورية المرسوم فالمادة 145 منه حصرت حق الاعتراض على دستورية أي قانون أو مرسوم تشريعي برئيس الجمهورية وربع أعضاء مجلس، ولم نسمع حتى تاريخه أن رئيس الجمهورية أو أعضاء مجلس الشعب سبق أن استعملوا هذا الحق بالرغم من وجود قوانين ومراسيم تشريعية مخالفة لأحكام الدستور ولاسيما المادة 28 منه،كما هو شأن المادة 107 من قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 39لعام 1981 والمادة 8 من المرسوم التشريعي رقم 47 لعام 1968 القاضي بإحداث محكمة أمن الدولة والمادة 8 من المرسوم التشريعي رقم 47 لعام 1968 القاضي بإحداث محكمة أمن الدولة العليا، وقانون إحداث المحاكم الميدانية العسكرية والمادة 7 من قانون الاستملاك ومرسوم صرف القضاة موضوع هذا البحث..الخ.

لذلك أرى أنه طالما أن إمكانية الاعتراض على دستورية هذا المرسوم والمراسيم والقوانين الأخرى المخالفة للدستور غير متوفرة حالياً، فلم يبق أمامنا سوى التمسك بالقاعدة القائلة في حال تعارض القانون وهو تشريع أدنى مع الدستور وهو تشريع الأعلى، يجب احترام الدستور وإعماله وترك القانون وإهماله).هذه القاعدة التي كرستها محكمة النقض السورية في قرارها الشهير رقم 334 أساس 697 تاريخ 22/4/1974 إذا كان يمتنع على القضاء التصدي لدستورية القوانين في الدعوى الأصلية لانتفاء النص الذي يخوله هذا الحق، إلا أنه ليس ما يمنعه من التصدي لذلك عن طريق الدفع بالامتناع عن تنفيذ القانون المخالف للدستور في الدعوى الماثلة أمامه، ولا يعتبر ذلك تعدياً من القضاء على سلطة التشريع ما دامت المحكمة لا تضع بنفسها قانوناً، ولا تقضي بإلغاء قانون، ولا تأمر بوقف تنفيذه. وغاية الأمر إنها تفاضل بين قانونين قد تعارضا فتفصل في هذه الصعوبة بحكم وظيفتها القضائية وتقرر أيهما الأولى بالتطبيق، وإذا كان القانون العادي قد أُهمل، فمرد ذلك في الحقيقة إلى سيادة الدستور العليا على سائر القوانين، تلك السيادة التي يجب أن يلتزمها كل من القاضي والشارع على حد سواء، بحسبان أن الدستور يتميز عن سائر القوانين بماله من طبيعة خاصة تضفي عليه صفة العلو وتسمه بالسيادة ، لأنه كفيل الحريات وموئلها ومناط الحياة الدستورية ونظام عقدها..).

لذلك وبناء على ما تقدم، فإن إغلاق سبل الطعن أو التظلم أو المنع من سماع الدعوى ضد أي تصرف أو قرار تصدره السلطة التنفيذية أو أية سلطة أخرى هو بمثابة إعفاء السلطة من أية مسؤولية تترتب على تصرفاتها حتى تلك المخالفة للقانون والدستور، وبالتالي حرمان الناس من اللجوء إلى القضاء بأية وسيلة كانت. وإن كل تشريع أو قانون أو قرار إداري ينتقص من ولاية القضاء يوصم بأنه غير دستوري ويؤدي في النهاية إلى إهدار مبدأ المشروعية وسيادة القانون والمساواة أمامه. باعتبار أن الدستور أوكل إلى القانون أمر تنظيم حق التقاضي وسلوك سبل الطعن أمام القضاء دون أن يبلغ هذا التنظيم حق حجبه، وذلك استناداً إلى أن السلطة القضائية هي سلطة مستقلة بموجب أحكام المادة 131 من الدستور: (السلطة القضائية مستقلة ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال يعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى) .

باختصار، إن الدولة في المجتمعات الحديثة تخضع فيها السلطة للقانون، ولا يخضع القانون فيها للسلطة، كما يخضع للقانون كل من الحاكم والمحكوم.







آخر تعديل المحامي عارف الشعَّال يوم 01-12-2009 في 10:21 AM.
رد مع اقتباس