عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-2010, 07:20 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
م. محمود عنبر
إحصائية العضو






آخر مواضيعي



افتراضي حوار مع مقال (الحسبة في مشروع قانون الأحوال الشخصية )

حوار مع مقال (الحسبة في مشروع قانون الأحوال الشخصية )

م. محمود عنبر : (كلنا شركاء) 7/1/2010

قرأت باهتمام ماورد في نشرتكم بتاريخ 5/1/2010 ، للكاتب عبدالله سليمان علي تحت عنوان "الحسبة في مشروع قانون الأحوال الشخصية" ، والتي تشكل مقاربة مختلفة لما اعتدنا متابعته حول قانون الأحوال الشخصية.

لابد في البداية من أن أثني على المنهج العلمي المستخدم في المقال، والذي يغطي بالفعل حلقة مفقودة في الحوار الذي دار في الفترة الماضية، وتحول لصراخ حول مسودة قانون الأحوال الشخصية، فما يميز المنهج الذي اعتمده الكاتب هو إقراره للمرة الأولى بأن القضية لا تتعلق بالنص القانوني، وإنما بما أسماه "المستوى الأعلى لهذا النص فإنه يتكون من خلال تعبيره عن الفلسفة العامة ومنظومة المبادئ الكلية التي يؤمن بها المشرع ويتوخى تأسيس المجتمع على أساسها وتطوير حياته ومفاهيمه وفق مضمونها"، وهنا أتفق تماماً مع الكاتب، وأربط ذلك فوراً بالاتهامات التي تم كيلها للجنة التي قامت بصياغة النص المعدل، والتي وصلت إلى أكثر من التجريح باللجنة التي لها الطابع القانوني، ولاعلاقة لها بما سمي " بالمستوى الأعلى للنص"، وهذا أمر منطقي بل مطلوب، فاللجنة لها طابع فني ( اختصاص قانوني)، ويجب أن ينحصر دورها في هذا الجانب، وعليها في ذلك أن تستند إلى وثائق محددة، وليس أن تعمل وفق أهوائها الشخصية بغض النظر عن الاتجاه أو المنحى الذي ستسلكه، وربما يمكن توضيح هذا الموقف بعد قراءة النقاش الذي دار حول القانون في موقع منتدي محامي سورية، والذي يبين وجهة النظر الأخرى، والتي يبدو أنها فنية تماماً، ولا تعلم سبب هذه الضجة التي تم افتعالها، ومازالت تعتقد أن ما فعلته كان سليم تماماً من وجهة نظر " النص القانوني"، وأنا اتفق مع هذا الموقف، فاللجنة الفنية لا يجب أن يسمح لها بتجاوز صلاحياتها، وبالتالي التجريح الذي طال اللجنة لم يكن موضوعياً.

كيف تصاغ المستويات الأعلى للنص؟


عودة إلى مقال الكاتب، فنرى أنه بعد أن أقر بوجود مستويين للنص قد عاد لمناقشة المستوى الأعلى من ضمن نقاشه لمسودة القانون، ونعتقد أنه اعتباراً من هذه النقطة أعاد الكاتب ارتكاب الخطأ الذي وقعت فيه الجهات المختلفة التي ناقشت ( أو انتقدت) مسودة القانون بدلاً من مناقشة السياسات التي يفترض أن تقود تطور المجتمع، وقد ذكر ذلك في العبارة التالية:

"ومن الغريب أن المشرع الذي نحا باتجاه مذهب ليبرالي واضح في المجال الاقتصادي، قد تنكب عن هذا المذهب في المجال الاجتماعي، إذ بدل أن ينحو فيه باتجاه الليبرالية كما فعل في الاقتصاد، نراه ينحو منحى معاكساً تماماً يعبر عن رؤية سلفية متشددة."

وهنا لابد لنا من التوضيح بأن المشرع لا يمتلك صلاحيات مطلقة في التشريع، فسقف التشريع هو الدستور، والذي قام الكاتب بإجراء تفسير محدد له في الفقرات التي تلت الفقرة المذكورة من النص.
بعد ذلك يتابع الكاتب مقاله بمناقشة قضايا اختصاصية في مجال الأديان واللغة العربية والقضايا الدستورية والقضايا الاجتماعية، وبما أنني لست مختصاً في أي من هذه المواضيع، فلا يمكنني الإجابة عن أي من النقاط، ولكن مالفت انتباهي أن القضية التي ذكرها الكاتب "محنة الدكتور نصر حامد أبو زيد الذي اتهم بالردة عن الإسلام لتفريقه عن زوجته فاضطر إلى نفي نفسه خارج مصر،" مماثلة للقضية التي استخدمها المحامي عارف الشعال في موقع منتدى سورية لمناقشة نص القانون، حيث ذكر مايلي:


" أكثر ما تناول النقد هو أحكام الحسبة التي جاء بها المشروع الجديد ، و أنا أجزم أن الغالبية الساحقة ممن انتقد الحسبة لا يعرف عنها أكثر مما سمعه في الإعلام عن إحدى القضايا التي ذاع صيتها في مصر و انتهت بالتفريق بين الكاتب المعروف الدكتور ( حسن حنفي ) و زوجته بسبب إلحاده المعلن . و عدا ذلك لا يعرف عن الحسبة شيئاً ، و أحكام الحسبة في الواقع أكبر من ذلك و لها أسس و قواعد ، كما لها حكمتها و غايتها الجليلة ، و هي و إن سكت عنها القانون الساري حالياً و لم يتناولها بأحكامه ، لكن القضاء في سوريا أخذ بها و يطبقها ، و أنا شخصياً فيما مضى أقمت دعوى تثبيت نسب سنداً لأحكامها"

المحامي عارف الشعال
كما يبدو من المفيد اقتباس الفقرة التي تبين الموقف من الحملة المذكورة

اقتباس:
" يجب على من يتصدى لإبداء رأيه حول هذا المشروع أن يتوخى الموضوعية ، و يراعي صفته في كلامه ، و أن يكون طرحه من منطلق ثقافته و علمه ، فإن كان غير ملم بالقانون أو بالشرع فلا ينبغي له التطرق لهما في نقده و يكتفي بتناول الجوانب الاجتماعية أو غيرها مما يسمح مركزه بالتحدث عنها .
و لكن ما حصل هو قيام العديد بإبداء النقد لهذا المشروع و التطرق لجوانب قانونية و شرعية أيضاً دون أن يكون لديه إلمام بأي منهما "



وأعتقد أننا إن حاولنا الموافقة بين ماذكره كاتب المقال الأستاذ " عبدالله سليمان علي" حول وجود مستوى أعلى للنص وماذكره المحامي عارف الشعال حول ضرورة الاكتفاء بتناول الجوانب الاجتماعية دون الدخول في التفاصيل ذات الاختصاص، يتبين لدينا الفجوة التي قادت إلى الوضع الذي وصلنا إليه، والتي قد تؤدي لمواجهات أكثر حدة إن نجحت في استفزاز شرائح معينة، ولذلك يجب تدارك الموضوع قبل فوات الأوان، واللجوء إلى إجراء يتبع في كافة الدول المتحضرة وهو إعداد وثائق بالسياسات التي يجب اتباعها، وهذه الوثائق تكون سهلة الفهم لمعظم الشرائح ، ولا تحتاج لمختصين، وبمجرد الاتفاق على السياسات تصبح عملية تعديل النص القانوني عملية بسيطة نسبياً، حيث تصبح وثائق السياسات مرجعاً للجهات الفنية التي ستقوم باقتراح مشاريع القوانين أما الاستناد إلى ما يعتقد ه أحد الفنانين أو أحد الناشطين فهو مادة تصلح لنقاش فكري، وقد يعتمد كأساس في وثيقة السياسات، ولكنه لا يمكن أن يرتكز عليه ( بحد ذاته) لتعديل القوانين، خاصة إن كانت بعض السياسات المقترحة قد تتطلب تعديلات دستورية







رد مع اقتباس