عرض مشاركة واحدة
قديم 29-11-2009, 06:15 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
المحامي عارف الشعَّال
عضو أساسي ركن
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


المحامي عارف الشعَّال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: مشروع قانون الأحوال الشخصية (للمناقشة)

خلفية مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد




مقدمة :

لعل قانون الأحوال الشخصية أهم قانون في الدولة لاتصاله الوثيق بحياة و شخص الإنسان منذ أن يبصر النور و حتى الرمق الأخير .

و يتميز هذا القانون عن غيره بأن كافة أحكامه مستقاة من الشرع الحنيف أو لا تتعارض مع أحكامه .
و بالتالي فضلاً عن أهميته له حساسية خاصة لجهة المصدر الذي يجب الرجوع إليه في وضع أحكام و قواعد الأحوال الشخصية للإنسان .

و من جهة أخرى دأبت الحكومة عندما تكون بصدد إصدار قانون جديد له أهمية خاصة على طرحه للتداول على نطاق موسع نوعاً ما بغية استمزاج الآراء و ردود الأفعال حوله ، إضافة لتزويد الجهات و المؤسسات ذات العلاقة بمسودة مشروع هذا القانون لدراسته و إبداء الملاحظات التي تراها على هذا المشروع .
و طرح هذا المشروع من قبل الحكومة للتداول يستغرق سنوات طويلة أكثر من اللزوم حتى يأخذ حده من النقاش ، و قد فعلت الحكومة ذلك عندما أرادت طرح قانون جديد للعمل فطرحت مشروع منذ سنوات جرى تدوله كثيراً حتى وصل لمجلس الشعب حيث يناقش حالياً ، و كذلك الأمر حين بدأ الحديث منذ سنوات حول قانون جديد للأحزاب و لا أعلم الآن أين وصل هذا القانون .

تشكيل لجنة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم /2437/ تاريخ 7/6/2007 :

أما فيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية كما تبين من الإعلام أن الحكومة قد شكلت لجنة في منتصف عام 2007 لوضع مشروع قانون للأحوال الشخصية ، و لم يتم الإعلان عن هذه اللجنة نهائياً و لم تفصح الحكومة عن عزمها هذا نهائياً ، و عندما انتهت هذه اللجنة من عملها أوائل الصيف الماضي يبدو أنها قدمت المشروع لمجلس الوزراء ، و بطريقة ما تم تسريبه ، فبدأت حملة انتقادات عنيفة لهذا المشروع .

حملة النقد لهذا المشروع :

لما كان هذا المشروع يهم كل إنسان ، فمن الطبيعي أن يبدي كل إنسان يعتبر نفسه معنياً به رأيه الشخصي حوله .
و بالمقابل يجب على من يتصدى لإبداء رأيه حول هذا المشروع أن يتوخى الموضوعية ، و يراعي صفته في كلامه ، و أن يكون طرحه من منطلق ثقافته و علمه ، فإن كان غير ملم بالقانون أو بالشرع فلا ينبغي له التطرق لهما في نقده و يكتفي بتناول الجوانب الاجتماعية أو غيرها مما يسمح مركزه بالتحدث عنها .
و لكن ما حصل هو قيام العديد بإبداء النقد لهذا المشروع و التطرق لجوانب قانونية و شرعية أيضاً دون أن يكون لديه إلمام بأي منهما .
و قد زاد سعير هذا النقد حتى أخذ طابع الحملة المنظمة ضدده خرجت عن أصول النقد الموضوعي و الهادف لتصل لحد التجريح و التطاول و القذف ، كما استغل البعض هذه الحملة لتمرير أفكار لا تتصل بالمشروع المطروح ، و حتى أن البعض جنح في نقده لحد إثارة الطائفية و المذهبية ، و لدي اعتقاد راسخ أن بعض من يقف خلف هذه الحملة ، لديه أهداف غير بريئة و أفكار لا يتسنى له ترويجها استغل هذه الحملة لتمرير تلك الهداف و الأفكار .
و فيما يلي بعض النماذج من العناوين التي جاءت في سياق هذه الحملة الشرسة ( لدي الأسماء و المقالات ) :

قانون الأحوال الشخصيّة "الجديد": أهلاً بن لادن!

انتظرنا قانون يرتقي إلى مستوى مفهوم الإنسان فكان قانوناً يحمل فكر طالبان!

رسالة إلى الوزيرات والنائبات والمديرات المنكوحات والموطوءات .

قانون أسلمة سوريا .

أي إنصاف سيقدمه لهن قانون العار ؟

خففن الوطء عنكنّ قليلاً و أعلنّ رفضكنّ للمشروع الظلامي .

طيور الظلام تشرع في سوريا .

القانون الجديد يعيد القيد إلى معصم المرأة السورية وينتهك حقوق الطفولة!

قانون الأحوال الشخصية فتوى جديدة لقتل الوطن .

قانون الأحوال الشخصية هو قانون دفن الحداثة ويشبه مسلسل "ليس سراباً"

كارثة الأحوال الشخصيّة القادمة في سوريّة .

بعد عامين من التكتم: مسودة مشروع قانون أحوال الشخصية يعيدنا إلى زمن الحريم!

مشروع قانون الحط من المرأة والطفل، وتفتيت سورية، معتمد من قبل رئاسة مجلس الوزراء!

مشروع قانون "الأحوال الطائفية": لا خيار أمامنا إلا رفضه حفاظاً على ما تبقى لنا من حقوق الإنسان .

نساء العالم تقتحم حصون البرلمانات.. ونساءنا ما زلن موطوءات في مشروع قانون الأحوال الشخصية!

و عدا عن هذه العناوين المستفزة ، فإن المحتوى للغالبية العظمى من هذه المقالات كان يخلو من نقد حقيقي و بناء للمشروع ، حتى أنني أظن أن بعضهم كان يستعرض بالعنوان الذي انتقاه لمقاله دون الاهتمام بمحتويات المقال نفسه .

و الملفت للنظر أن كافة هذه الاعتراض تمت على أحكام هي موجودة سابقاً في القانون الساري حالياً ، و الذي صدر قبل أن يولد بن لادن و ظهور طالبان .

و تجلى أغلب هذا النقد و التجريح حول :

بعض المصطلحات التي وردت بالمشروع مثل عقد النكاح – الوطء – الذمي – الكتابية .....

و المعروف أن معظم هذه المصطلحات مستقاة من القرآن الكريم ، و بالتالي فإن تناولها بالانتقاد و في بعض الأحيان من أناس غير مسلمين ، مما يعني نقداً للقرآن الكريم نفسه على مبدأ (الحكي للجارة و التسميع للكنة ) .

كما تناول الانتقاد أيضاً السن المنخفض الذي وضعه المشروع للزواج ، و أطلق البعض عليه قانون اغتصاب الطفلات .

وتناول الانتقاد إيضاً أحكام العدة للمرأة وسميت من قبلهم بالإقامة الجبرية للمرأة ، مع التنويه بأن العدة للمرأة ليست مقصورة على الشريعة الاسلامية و إنما بكافة الشرائع و وضعت قوانين الأحوال الشخصية في سوريا لكافة الطوائف أحكاماً لها .

كما تناول النقد أيضاً جعل المذهب الحنفي هو المرجع في حال عدم وجود نص . و اتهم المشروع بسبب ذلك بالتطييف ، و المذهبية ، و محاولة فرض هذا المذهب على باقي المذاهب ، و كأن هذا النص لم يكن موجوداً بالسابق !! .

ولم يقل المنتقدون ما هو البديل ، أي في حال عدم وجود النص ماذا يطبق القاضي ؟

و أكثر ما تناول النقد هو أحكام الحسبة التي جاء بها المشروع الجديد ، و أنا أجزم أن الغالبية الساحقة ممن انتقد الحسبة لا يعرف عنها أكثر مما سمعه في الإعلام عن إحدى القضايا التي ذاع صيتها في مصر و انتهت بالتفريق بين الكاتب المعروف الدكتور ( حسن حنفي ) و زوجته بسبب إلحاده المعلن . و عدا ذلك لا يعرف عن الحسبة شيئاً ، و أحكام الحسبة في الواقع أكبر من ذلك و لها أسس و قواعد ، كما لها حكمتها و غايتها الجليلة ، و هي و إن سكت عنها القانون الساري حالياً و لم يتناولها بأحكامه ، لكن القضاء في سوريا أخذ بها و يطبقها ، و أنا شخصياً فيما مضى أقمت دعوى تثبيت نسب سنداً لأحكامها ، و سأتناولها بالبحث مفصلاً في غير هذا الموضع إن شاء الله .

انتقادات المحامين :

تناول العديد من المحامين هذا القانون بالنقد أيضاً ، و الحقيقة كانت هناك انتقدات علمية قانونية منهجية قارنته مع نصوص الدستور و المعاهدات الدولية ، هذه الانتقادات جديرة بالمناقشة فعلاً ، و لكن للأسف أيضاً كان هناك كثير من الانتقادات من المحامين غير علمية ، وسارت بالركب التجريحي للقانون بدون أي محتوى قانوني .

و أضرب بعض الأمثلة لانتقادات بعض المحامين ( لدي الأسماء و المقالات أيضاً ) :

المحامية أ . ي :

(( يتناقض مع الخطة الخمسية العاشرة التي أقرتها الدولة ومجلس الشعب التي فرضت ضمن الاستراتجيات إدخال التعديلات التشريعية للحد من العنف الواقع على المرأة وحماية حقوقها بما ينسجم مع سيداو وإصدار قانون مدني للأسرة يضمن حقوق أفرادها ويكرس المساواة الفعلية بين المرأة والرجل، وجاء التناقض والمخالفة الصريحة لكل ما ذكر في كل مواد القانون المقترح دون استثناء ))

تصوروا قانون يتناقض مع خطة خمسية للدولة !!!!!!
و هل تصدر القوانين في بلدنا وفق خطط خمسية ؟؟؟؟

المحامية م . س :

(( إن هذا المشروع كرس العقلية الذكورية المتخلفة التي تسيطر على المرأة وتحولها إلى مجرد إنسان فاقد الأهلية! ومجرد أداة لإمتاع الرجل وتلبية رغباته! دون أن يحق لها حتى تقرير مصيرها ومستقبلها! فإن هي تزوجت دون رضا الولي الذي هو الأب أو الأخ أو الجد كان له فسخ الزواج أي تكن هذه المرأة، ومهما بلغت في العلم والمناصب من مراتب! فلا زال مصيرها بيد ذكور عائلتها.

فأي مستقبل تنتظره النساء السوريات في ظل قانون يتحكم بأحوالهن الشخصية من جهة وقوانين تبيح قتلهن من جهة أخرى؟!

لذلك لابد من الوقوف يداً واحدة في وجه كل من يحاول تمرير هذا المشروع. ولابد من العمل معاً للحصول على قانون يحترم إنسانيتنا وحقوقنا كمواطنين في بلد أسمه سورية هو لنا جميعاً دون تفرقة بيننا على أساس الدين أو الجنس أو الطائفة ))


المحامية م . ح :

(( ألم يعيدنا هذا القانون لعصر الاسترقاق وفرض العبودية القسرية على النساء؟! ألم تشكل المادة التي تقول: تنحصر حقوق الرجل على الزوجة في صيانة نفسها وطاعة زوجها والحرص على ماله، ألم تشكل هذه المادة في إطار الممارسة وعي مشوه ينقل العلاقة بين المرأة والرجل من علاقة تشاركيه إلى علاقة السيد بالمسيود؟! والمالك بالمملوك؟! ناهيك عن الإهانة للمرأة حينما نص على أن تنحصر حقوق الرجل على الزوجة في صيانة الزوجة نفسها! عجباً! إذا لم يكن للمرأة زوج يرتب عليها هذا الحق هل تفرط بنفسها؟ وذلك بمنطق المقابلة (إذا أسقط حق الرجل سقط محله)! وبمنطق المقابلة أيضاً: لماذا لم ترد هذه الفقرة في حقوق المرأة على زوجها لماذا لم يكن من حقها عليه أن يصون نفسه؟!

وفي المادة 99 والتي توضح مدى الكرم الحاتمي للزوج في السماح لزوجته بزيارة أهلها واستزارتهم بالمعروف! تصوروا: (السماح)! دققوا في هذه الكلمة التي تعبر عن التبعية والخضوع! ليصبح عقد الزواج صك عبودية وعقد إذعان وملكية واحتكار! وحسب ما جاء في القانون المدني: (لمالك الشيء استخدام شيئه بالطريقة التي يريدها)! ومَن يكون بيده الحق بالسماح يكون بيده أيضاً الرجوع عن هذا السماح، لتبقى أسيرة جدرانها الأربعة! ويطبق المشروع المقولة القائلة: للمرأة الخروج في حياتها مرتان مرة من بيت أهلها إلى بيت زوجها، والثانية من بيت زوجها إلى القبر!

فهنيئاً لكن أيتها النسوة بهذا المشروع.. فلن تخرجن إلا برضى أزواجكن من كنتن: سفيرات أو وزيرات، مديرات أو قاضيات، طبيبات أو عالمات، أميات أو جاهلات.. ومَن كان زوجكن: جاهلا، أمياً، عاطلاً، لصا،ً تاجر مخدرات! ))



المحامي ب . و ( الراجح أنه من أتباع الديانة المسيحية ) :

(( أليس التمييز ضد المرأة هو تمييز عنصري؟! ولماذا للرجل أربع نساء بينما المرأة مواطنة تقدم للوطن أبحاثا وعلوما وتقوم بأعمال الرجال وتشارك في المعلوماتية وتصل على أعلى الدرجات العلمية والوظيفية وأثبتت كفاءة عالية حتى في القوات المسلحة بعد أن تغيرت أساليب القتال واندثر السيف والغزو ليحل محلهما العلم والتفوق المعرفي؟!

فهي بهذا العصر مثل الرجل تماما في خدمة الوطن. فلماذا نريد تقزيمها؟! لماذا لا نفرح لها ولنا بالتساوي؟! فهي أختنا وابنتنا وأمنا وحبيبتنا، وهي المبدعة الحنونة الرقيقة الأمينة المحبة المعطاءة المسامحة الجميلة الدافئة اللطيفة..

لماذا إصرار المشروع هذا على أن تكون المرأة هذه موطوءة وهي عرضنا؟ أيريد لها أن تعود إلى عصر الحريم؟! ربما نخافها إن كانت متساوية معنا! ونخجل من جهلنا إن كانت كاملة الأهلية! ولا نعرف أن نتعامل معها بالندية! ))


كما يقول في موضع آخر :

(( فالناس سواسية كأسنان المشط، وهم متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون، ولا فضل لعربي أو أعجمي إلا بما يقدمه من فائدة إلى الوطن. فالتمييز سواء بين مسلم (وذمي) أو كتابية أو رجل وامرأة هو تمييز عنصري بكل معنى الكلمة، وهذا التمييز العنصري معاقَب عليه في قوانين كل الدول، وانحسر عن معظم أرجاء الكرة الأرضية. والمهم هنا أنه خرق للمواطنة، ويسبب الألم لكثير من السوريين دون أن يجلب أي فائدة. ثم إنه يغطي تعسف زوج نكل بعقد الزواج علناً وأمام أعين العدالة، ليتفلت من آثاره فقط لأنه مسلم. وفي الحقيقة فيها إلغاء صريح لحقوق المواطنة، وفيها جحود وعقوبة كبيرة للشاهد لأنه (ذمي)، دون أن ينص التشريع السوري على عقوبة بهذا الاسم ))

بعض الكتاب يهاجمون الحملة :

و بعد أن أخذت هذه الحملة منحى غير طبيعي و غير متوازن ظهرت أقلام تنتقدها و منهم الكاتب محمود عنبر الذي قال في مقال له بمجلة أبيض و أسود ما يمكن أعتباره زبدة الكلام حول هذه الحملة :

(( لقد تفاءلنا عندما بدأت الحملة ضد مسودة مشروع قانون الأحوال الشخصية، وازداد تفاؤلنا مع ازدياد زخمها، وقد توقعنا أننا على أعتاب معركة إعلامية بين المؤيدين والمعارضين لكل فكرة من الأفكار الواردة في مسودة القانون، كشأن كافة الدول المتحضرة التي تطرح مثل هذه المشاريع للنقاش العام، ولكن للأسف فقد طال انتظارنا طويلاً ولم نتمكن من قراءة مقالة واحدة تمثل وجهة النظر الأخرى، ومع الإمعان في انحراف الحملة عن أهدافها، واستهدافها للأفكار والمعتقدات بدلاً من استهداف مسودة القانون، كان من المنطقي أن تظهر مجموعة من الحملات السورية المضادة عبر (الفيس بوك)، ومنها ما كان متوازناً من حيث تركيزه على انحراف الحملة عن أهدافها، ومنها ما ذهب أبعد من ذلك، وحشد الجماهير لدعم القانون (على علاته)، ولكن مكمن الخطورة هو في أن معظم وسائل الإعلام السورية لم تتمكن من إقامة جسر للحوار بين فريقين، ولم تتمكن حتى من عكس وجهات النظر المختلفة، وبالتالي تبين عجز وسائل الإعلام عن القيام بواحدة من أهم أدوارها، وهي عكس النبض الجماهيري بتنوعاته، وليس وجهة نظر بعض المجموعات الناشطة فقط. وهذا ربما يؤشر لخلل في تركيبة الوسائل الإعلامية المحلية ))

نتائج الحملة :

نجحت هذه الحملة بالضغط على الحكومة لسحب المشروع و التنصل منه أيضاً حيث صدر بيان عن المكتب الصحفي في رئاسة مجلس الوزراء جاء فيه :
أن بعض وسائل الإعلام تناقلت في الآونة الأخيرة معلومات غير دقيقة حول مشروع قانون الأحوال الشخصية لا تستند إلى وقائع ومعطيات حقيقية في هذا المجال.
وقال المكتب إنه وبهدف تصحيح هذه المعلومات وتصويبها وعرض الخطوات والإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع وحسما للجدل الدائر بهذا الخصوص نوضح الاتي.. بدأت الحكومة بعد عام 2000 بإجراء تقييم شامل للتشريعات النافذة بغية إعادة النظر فيها وتعديلها بما يلبي متطلبات التطوير وعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولاسيما التشريعات التي مضى زمن طويل على العمل بها وهذا ما أكد عليه مجلس الشعب في دوراته المتعاقبة.
في ضوء ذلك طلبت رئاسة مجلس الوزراء من وزارة العدل كغيرها من الوزارات النظر بتعديل بعض القوانين الأساسية ومنها قانون السلطة القضائية وأصول المحاكمات المدنية وقانون الأحوال الشخصية الذي يعود نفاذه إلى عام1953.
وتنفيذا لذلك رفعت وزارة العدل جملة من مشروعات القوانين ومن ضمنها مشروع قانون أصول المحاكمات المدنية ومشروع قانون الأحوال الشخصية.
ولدى تدقيق قانون الأحوال الشخصية من قبل رئاسة مجلس الوزراء لم توافق عليه شكلا ومضمونا فأعيد إلى وزارة العدل لدراسة الموضوع مجددا وبالتنسيق مع كل الجهات المعنية ذات الصلة.
وعند إعادة الموضوع من وزارة العدل إلى رئاسة مجلس الوزراء خلال الفترة القادمة سوف تتم دراسته طبقا للآلية المعتمدة في دراسة مشاريع القوانين وذلك من خلال عرضه على اللجان الوزارية المختصة ومن ثم على مجلس الوزراء ثم رفعه بعد إقراره إلى الجهات العليا المختصة للنظر بإحالته إلى مجلس الشعب ليصار إلى عرضه على اللجان المختصة بالمجلس ومناقشته وفق الآلية المعتمدة في هذا المجال وطبقا للآلية التي تم عرضها فإن دراسة مشروع القانون ستكون كافية للوقوف بشكل دقيق على كل وجهات النظر والآراء والمقترحات التي تطرح حول هذا المشروع . ( انتهى البيان ) .

مع العلم أن اللجنة التي أعدت المشروع قد شكلت من رئيس مجلس الوزراء مما يدل عل ارتباطها به و لا علاقة لها بوزير العدل ، مما يطرح تساؤل و استفهام عن دور وزارة العدل بالمشروع الذي أتى على ذكره البيان ؟؟ !! .

التطور الأخير :

منذ حوالي الشهر عاد الحديث عن نسخة جديدة للمشروع تم تسريبها للصحافة ، و بدأت جوقة ( السيداو ) تتهيأ مجدداً للأنقضاض على هذه النسخة الجديدة و تستعد لعزف النغمة السابقة ، و يتزامن ذلك مع غموض من الحكومة إزاء هذه النسخة الجديدة فقد نسبت تصريحات لوزير العدل بعدم معرفته بهذه النسخة ، مع العلم أن بيان المكتب الصحفي لمجلس الوزراء أشار بكل وضوع أن المشروع السابق أعيد لوزارة العدل للدراسة و التنسيق ، مما يدل أن الكرة الآن في ملعب وزارة العدل ، و عندما يصرح وزير العدل بأن لا علم له بالنسخة الجديدة فهذا يعني أن كل الحديث عنها مجرد إشاعات و أقاويل و أن هذه النسخة مزورة أو مدسوسة طالما أن وزير العدل المعني المباشر بالموضوع نفاها كلياً و نفى علمه بها .
و بالمقابل و خلافاً لما ذكره وزير العدل المعني بالموضوع ، أدلى الأب أنطون مصلح رئيس المحكمة الروحية للروم الكاثوليك في مقابلة صحفية بتاريخ 22/11/2009 قائلاً :

(( من حوالي الأسبوعين اتصلت دائرة الشؤون القانونية في مجلس الوزراء بالطوائف المسيحية الروم الكاثوليك والروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس، وطلبوا منهم أن يحضروا لاستلام مسودة القانون الجديدة وبالفعل تم استلام المسودة من دائرة الشؤون القانونية لرئاسة مجلس الوزراء. وعلى هذا الأساس بدأنا العمل على النسخة المرسلة إلينا من رئاسة مجلس الوزراء))

و حيث أن الأب مصلح شخصية رسمية أيضاً بوصفه رئيس محكمة روحية له مصداقية ، و لا يعقل أو يتصور أن يقوم بتلفيق الأخبار ، مما يعني أن تصريح وزير العدل المنسوب إليه - إن صدق - غير صحيح و الملفت أنه لم تقم وزارة العدل أو مكتبها الصحفي بنفي أو تأكيد هذا الكلام حتى الآن .
و إزاء هذا التناقض بالتصريحات و الغموض الذي يكتنف موقف الحكومة إزاء الحديث عن النسخة الجديدة ، لا يسعنى سوى الاستنتاج بأننا أمام موقف مريب و شاذ تجاه النسخة المطروحة للنقاش حالياً ، يجب على الحكومة العمل على تلافيه فوراً بكل شفافية و وضوح و صراحة .


ملاحظة شخصية حول النسخة الجديدة للمشروع :

سبق أن اطلعت منذ أيام على نسخة جديدة للمشروع في أحد المواقع تختلف عن النسخة التي أرفقها الأستاذ ناهل مع هذا الموضوع و احتفظت بنسخة عنها ، و عندما عدت لذات الموقع لوضع الرابط للمقارنة ، و جدت أنهم سحبوا هذه النسخة و وضعوا نسخة أخرى مطابقة للنسخة المرفقة بهذا الموضوع ، و لدى التقصي عن النسخ الجديدة للمشروع في بقية المواقع المهتمة به وجدتها متطابقة مع النسخة المرفقة من قبل الأستاذ ناهل ، و لكن هذا لا يمنع من التعاطي بحذر مع هذه المسودة حتى يصدر موقف رسمي يتبنى إحدى النسخ المتداولة في حال وجود أكثر من نسخة .


----------------------------------------------


أوجه كل التقدير للأخ ناهل على تفاعله مع هذا الموضوع الهام و على الطريقة التي تناوله بها بالتعليق على مواده بشكل متسلسل ، و برأيي أن هذا الموضوع له أولوية في الوقت الراهن على باقي مواضيع المنتدى نظراً لحملة التشويه و الافتئات الذي يتعرض لها هذا المشروع ، فضلاً عن أنه يهم كل إنسان و أسرة في المجتمع ، راجياً من الزملاء الأفاضل إيلاؤه الاهتمام اللازم ، من نقد أو اعتراض أو تأييد أو تعليق .
فهذا المنتدى هو المكان الرحب و المناسب لطرح مثل هذه المواضيع .

و لي عودة قريبة بإذن الله للتعليق على أحكام الخطبة الواردة بالمشروع .






رد مع اقتباس