أيها السادة : اسمعوا معي هذه الحكاية:حكي أن صياداً ماهراً قرر صيد السمك الكبير لأنه يتغذى على الأسماك الصغيرة فألقى شباكه في البحر وما هي إلا هنيهة علقت سمكة كبيرة في الشباك...فرح الصياد، ومن فرحته نسي احكام الشبكة...صارعت السمكة الكبيرة وتواسطت وفلتت من الشباك وهنا يئس الصياد وقرر ألا يعود بدون صيد ...فألقى شباكه مرة أخرى...فالتقطت أسماك صغيرة ...تحتاج من يقوتها ومع هذا فرح الصياد وقال: مجموع هذه السمكات يعادل سمكة كبيرة وطوى شباكه وقدم السمك الصغير إلى الملك وعمرت المائدة بالأسماك الصغيرة وُدعي إلى المائدة البريئة أهل الشأن والجاه وبينهم أيضا أسماك كبيرة.ولدى التهام السمك الصغير تبين إن في بطن كل سمكة صغيرة خمس أوسبع سمكات صغيرة ليس لها من يقوتها ومع هذا تم التهام الجميع وأكلوهم لحما ورموهم عظما .
أيها السادة : حضرتني هذه القصة مما يدور حولنا من أحداث .
دعي إلى الإصلاح في سورية ورحبنا بالفكرة وقلنا إننا مع الإصلاح، وتبنى وزير العدل إصلاح القضاء وتمت محاكمة بعض القضاة أمام مجلس القضاء الأعلى وفق القانون والدستور....وهللنا لذلك
.ولكن الصدمة الكبرى هي مرسوم 95 الذي أطاح ب 81 قاضيا وبضربة واحدة تسريحا تعسفيا عقابا دون حساب . يا للكارثة إذا كان الله عز وجل يحاسب ويعاقب ويغفر...أما أرضنا هذه فقد خالفت الله والدستور.من هنا أقول مستندة إلى ما قرأت في الصحف السورية وما شاهدت في مواقع الانترنيت والفضائيات.
1- عندما سئل وزير العدل السوري عن الاعتبارات التي اتخذت في حق المسرحين قال: ليس كل المّسرحين مرتشون...منهم من هو مقصر في عمله، ومنه استهلكته المهنة، ومنها حاجتنا لرفد القضاء بدماء جديدة...: إذا لماذا لم يوضح المرسوم في القائمة المشؤومة خطيئة كل قاض ؟أليس يدل هذا إلى أنه أضيفت أسماء بريئة لإكمال الجدول . بالتأكيد نعم .
2- صرح وزير العدل لصحيفة البعث: ( إن الأحكام المقنعة ترضي جميع الأطراف )أسألكم وأسأل الوزير. هل كان مرسوم الموت 95 مقنعا لكل الأطراف ؟ لا .لا ,ألف لا . إذا كان الإرهابي والذي يفجر نفسه ويقتل آلاف الضحايا يحاكم أمام القضاء. إذا كان المواطن العادي والذي يرتكب مخالفة بسيطة يحاكم أمام درجات التقاضي الثلاث. والقاضي الذي يصدر قراراته ( باسم الشعب العربي في سورية)لماذا لا يكون الحكم عليه باسم الشعب العربي في سورية.؟ولكن لا.تبك على اللبن المهراق.....ما مضي يكفي أنه مضى .
br />3- كم فرحت عندما شاهدت على التلفاز السيدة غادة مراد النائب العام لرئيس الجمهورية تتصدر لجنة التحقيق السورية للكشف عن مقتل الحريري .وفي المؤتمر الصحفي أيضا ، وهي تشد سبابتها بابهامها لتقول بقوة لن نسلم مطلوبا قبل التحقيق معه واستجوابه وادانته ، وكم كان الفرح أعظم لو وقفت نفس الموقف في مجلس القضاء الاعلى .- وهي أحد أعضائه – تشد ابهامها بسبابتها وتدق على طاولة مجلس القضاء واقفة بصوتها الجهوري لتقول : لن نسرح قاضيا قبل ادانته .
اسمعوني يا سادة ان زمننا هذا زمن القهر والظلم ...زمن الاستعراض....زمن التقليد وليت التقليد تم حرفيا ....منذ اربعين عام صدر مرسوم تسريح القضاة في سوريا أي من اربعين عام وكان فيه شيء من العدل حيث جاء فيه ( يسرح القضاة .......ويحالون الى الوظائف العامة )اما مرسوم الموت 95 جاء فيه .ماذا جاء فيه ...شهادات عليا الى الشارع ...الشارع ولم ينصرف أثر المرسوم على القضاة فقط بل على أسرهم وابنائهم ...حصيلته أكثر من ألف شخص صغيرا وكبيرا وأطفالا سوريون جميعهم ليس لهم من يعيلهم الا أباءهم القضاة المسرحون زورا وبهتانا , أهذه هي الرحمة في بلد ديموقراطي .؟_ حدثني للتو قاض مسرح ولا أذكر الاسم حرصا على هيبة القضاء في سوريا . حدثني وأقسم انه ليس لديه ثمن علبة الحليب لا بنته الرضيعة . فتصور .
انني أرى ميزان العدل المتربع أمام القصر العدلي بدمشق ليس مجحفا فقط بل يدور بحركات بلهوانية ، حتى أن سرفانتس كره لعبته ومزق قصته،وحطم دوالب الهواء .
أخلص بالنتيحة الى أننا لم نقتل الحريري . بل قتلنا الحريري ....قتل 81 قاض وذلك بعد موته.
وأخلص أيضا الى أننا ولو أعدنا الحريري حيا يرزق . لن يتوجونا بالبراءة . ان اللعبة أكبر من ظلم القضاة ....أكيد سمعتم تصريحات مفتي الجمهورية العربية السورية فضيلة الشيخ أحمد حسون حيث يطالب اليهود من أصل سوري العودة الى ديارهم ،ومتى كانت سورية ديارا لليهود انني في استغراب شديد. هل يقابل ذلك تصريح لأحد الحاخامات يطالب بعودة الفلسطنيين الى ديارهم ...اتمنى ذلك...ولكن يا سادة اللعبة أكبر وكما قال الرئيس بشار الاسد : مهما قدمنا لن يرضوا ويردوننا أن نقتل أنفسنا أو يقتلونا ....وها نحن قتلنا أنفسنا والدفعة الأولى 81 قاض والآتي أعظم
منقول عن مفيدة نعمه موقع سوريا للقضاء والمحاماة